علاء اليوسفيعندما ترفع وسيلة إعلاميّة شعار الحياد، فإنّنا نحتاج إلى التدقيق في انعكاس هذا المصطلح على كيفيّة نقلها للأحداث. الحياد، أي الوقوف على مسافة واحدة من المتصارعين، يصبح مصطلحاً إشكاليّاً عندما نكون أمام معتدٍ ومعتدىً عليه، فهل من قبيل الاحترافية والمهنية أن يقف الإعلام على الحياد بين الجلاد والضحية؟ أو بين مقاومة تقرّها منظمات حقوق الإنسان ومحتلّ؟ هذه الأسئلة الإشكالية لم توجّهها شذا عمر إلى ضيوفها في حلقة أمس الأول من «أنت والحدث» على فضائية الـ«أل بي سي» التي ناقشت انقسام الإعلام العربي. في الحلقة التي استضافت رئيس تحرير الأخبار في «العربية» نبيل الخطيب وأستاذ علم الاجتماع السياسي خالد الدخيل والكاتب الفلسطيني بلال الحسن، جرى الخلط بين الحيادية باعتبارها استقلاليةً، والموضوعية من دون أن ينتبه نبيل الخطيب إلى أنّ الحياد يصبح انحيازاً حين يُموّه الحقيقة تحت شعار... الحياد. الحقيقة (الكاملة غير المجتزأة)، التي تمثّل هدف الإعلام الأسمى، تكفلها الموضوعية لا الحياد.
للبرهان على حياديته، أقلّه بين السلطة و«حماس»، دعا الخطيب إلى تحليل مضمون ما تعرضه «العربية»، مؤكداً أنّها تقدّم كلّ الآراء، متجاهلاً كيفية قيام القناة بعرض الأحداث. أما الدخيل فرأى أنّ الـ«الجزيرة» تمارس التجييش، طارحاً أسئلة عن أخلاقيات المهنة، وخصوصاً بعد عرض صور الأجساد المشوَّهة جراء المجازر الإسرائيلية في غزّة. على الجانب الآخر، كان بلال الحسن يردّ بأنّ صور إعدام الطفل محمد الدرة خدمت القضية الفلسطينية أكثر من أي شيء، وأنّ الإعلام سلاح يجب أن ينحاز إلى الحقيقة.