عمّان ــ أحمد الزعترييراهن يزن الروسان على مزاج موسيقي مغاير، وينطلق من نظرية أنّ «نانسي وهيفا وصلتا إلى ما وصلتا إليه لأن أمثاله لا يعملون كفاية»! الموسيقي الشاب وعضو فرقة «رم»، أطلق أخيراً أسطوانته الثانية «أوتوستراد». هنا لا ذكر للقضايا الكبرى من فلسطين إلى العراق. بل إنّ الهموم اليوميّة تختفي مقابل موسيقى مخدِّرة تستقي كلماتها من حوار «عاديّ» في مكان «عاديّ» ومُمِلّ كعمان. «خليك حشِّش/ خلي الدنيا عمرها ما تحلالك/ وحياتك سودا وتحكي لمين إنك مش طايق حالك/ يوم دماغك أخضر/ يوم دماغك بنّي/ وأوعى تخش (تدخل) عالأبيض/ خدها نصيحة منّي».
هذه الأغنية كتبها يزن مع الموسيقي الأردني طارق الناصر. وهي نموذج عن باقي أعماله، التي تشبه ضحالة المشهد الثقافي في الأردن، وخصوصاً الموسيقي.
وإذا كانت الموسيقى الحقيقيّة و(البديلة) هي موسيقى مناوئة ومضادة للثقافة التي تتبناها السلطة في كل العالم، فالمَخرَج في هذه الحالة هو التنكيل بالذات بديلاً من النقد المباشر للثقافة الرسميّة. هذه النزعة تشبه حركات الموسيقى المضادة أو ما عرف بـ«الروك المخدّر» في الستينيات مثل Pink Floyd و The Doors. ولا تبتعد مؤلّفات الروسان عن هذه الأجواء. إضافة إلى الحفلات الحيّة الصاخبة مع الإضاءة في كونها مشروعاً لا يقل أهمية عن الأداء، هناك الصوت المتقشّف واللامبالي، والحضور العالي للكيبورد والغيتار الكهربائي، ومزج هذا الأسلوب بإيقاع الريغي، والأداء الصوتي الشبيه بتحرّر أداء مغني «الراي» وانطلاقهم.
يمكن تقسيم الأسطوانة إلى قسمين: يضم الأوّل أعمالاً سُجِّلت في الاستوديو بطريقة الحفلات الحيّة، (أي من دون تركيب أصوات آلة على أخرى). أما القسم الثاني اللافت، فيتكوّن من أغانٍ سجّلت في حفلة أقيمت نهاية العام الماضي.
تمنح كلمات أغنيات الروسان شعوراً عدمياً أحياناً: «حاس حالي قاعد على كنباي/ بعزّ الناس وبشرب شاي/ ولا حدا واقف وراي/ ومراي ومراي ومراي/ (...) وأنا وانتا أحلى تنين/ وأنا وانتا أحلى تلاتة/ زيح طعوجت الأنتين/ يا حبيبي إنتا أخو(...)». هذه الهلوسة وإن كانت ترضي المتلقّي فور سماعها، لا تستمر كحالة موسيقية مؤثرة. يبدو الروسان كأنَّه يعيش على كوكب آخر، لأنه يقول الحقيقة التي تكاد تودي باللحظات الشفافة لمصلحة السخرية المؤلمة. ليس مطلوباً من يزن التصدّي لمشكلات اجتماعية أو سياسيّة، لكن ربما عليه استثمار هذه الطاقة لرصد التحوّلات برؤية أعمق. نقول هذا متذكّرين زياد الرحباني، «المتهكّم الأكبر» الذي كان على قدر من الذكاء ليبقى مؤثراً في الشباب
حتى الآن.