رائد وحشأسئلة الإعلام الفضائي العربي، كانت محور ندوة استضافها «المنتدى الاجتماعي» في دمشق، بمشاركة مديرة التلفزيون السوري ديانا جبور، ومراسل BBC العربية أحمد كامل، ورئيس تحرير «قناة المشرق» محمد عبد الرحيم. الندوة التي حملت عنواناً عريضاً هو «الحيادية والموضوعية في القنوات الفضائية العربية»، افتقدت التركيز والدقة، وإن لم تَخلُ من وجهات نظر جريئة وأفكار سجاليّة.
تحدّثت ديانا جبور في البداية عن أنّ الحقيقة متعدّدة الأوجه. هكذا، ذكّرت مثلاً بعنوان تغطية قناة «العربية» خلال عدوان تموز 2006 أيّ «الصيف الساخن»، مشيرةً إلى أنّ هذا العنوان إن دلّ على شيء فعلى... الحيادية. والحيادية هنا، هي «أداة للتواري اتقاءً لاتخاذ مواقف حقيقية قد تدفع ثمنها لاحقاً» بحسب جبّور. ثم قارنت ذلك بتغطية التلفزيون السوري للعدوان الإسرائيلي الأخير على غزة. تلك التغطية التي تواصلت على مدار الساعة وتميّزت (من وجهة نظرها) بإظهار الهمجية الإسرائيلية في التنكيل بضحايا المجزرة. ورأت جبور أنّ تجاوب المشاهدين في العالم، مع الضحايا، كان بتأثير هذا الإعلام «الذي لم يخشَ أحداً»!
هذه الفكرة بالذات، أثارت محمد عبد الرحيم الذي قابلها بسخرية مريبة متسائلاً: «وهل فهموا اللغة؟»، معتبراً أنّ ردود الفعل العالمية جاءت بتأثير من إعلام الغرب نفسه، وتحديداً المهني منه، لا من تأثير دعائية التلفزيون السوري.
من جهته، رأى أحمد كامل أنّ الحياد والموضوعية غير موجودَين في الفضائيات العربية «بسبب رأس المال». الدول التي تدفع كل هذه الملايين من الدولارات لا يهمّها ـــ في نهاية المطاف ـــ إلا الربح. ولم يتوانَ كامل عن إلقاء اللوم على الصحافيين العرب، وتحميلهم المسؤولية لأنّهم «لم يكونوا قادرين على فرض نهج أو خط، أو موقف نقدي. الصحافي العربي، يعمل وعينه على الراتب، وحجم الشهرة التي يوفرها هذا المنبر أو ذاك. أما خدمة المجتمع، فهذا آخر ما يفكّر فيه».
محمد عبد الرحيم بدا مختلفاً عن زميلَيه في الطرح. إذ ركّز على العبارات التي تحوّلت إلى كليشيهات في عملية انتقاد الإعلام العربي. هكذا، كرّر أكثر من مرة عبارات مثل «هناك إعلام سعودي بقيادة العربية» و«الجزيرة حوّلت الناس إلى أرقام» و«الجمهور العربي غير مستعد ليسمع» من دون أن يركّز على نقطة محددة وواضحة.
باختصار، لم تضف الندوة جديداً. العنوان العريض الذي لم يقسّم إلى محاور محدّدة جعل النقاش رتيباً. ولم تشذّ عن هذه القاعدة مداخلات جمهور الندوة... مداخلات شعّبت الموضوع أكثر وأكثر مبتعدةً عن جوهره. ولعل نقطة الجدل الأكثر إثارة كانت في الاختلاف على تعبير «شهيد» و«قتيل». وقد مال أحمد كامل ومحمد عبد الرحيم إلى الخيار الثاني!