مهرجان BIPOD أو «ملتقى بيروت الدولي للرقص المعاصر» يطفئ اليوم شمعته الخامسة، بعدما فرض نفسه كأحد أهم مواعيد الرقص المعاصر في المنطقة. وبات يسعنا القول إن عمر راجح ورفيقاته ورفاقه في فرقة «مقامات» ربحوا رهانهم. هذا الراقص والكوريغراف الذي لفت الأنظار عام ٢٠٠٢ بعمل مدهش ومفاجئ عنوانه «بيروت صفرا» يصبّ في خانة الـ«دانس تياتر» (المسرح الراقص) أسّس فرقة «مقامات»، قبل أن يطلق من بيروت تظاهرة عربيّة المشاغل، عالميّة التطلّعات، خاصة بالرقص المعاصر.
أثار المهرجان فضولاً دولياً حيال المسرح الراقص في بيروت، وأعطى زخماً للرقص في لبنان، وفتح الباب أمام تنمية القدرات الإبداعية المحلية، واستقطب المشاهدين والراقصين الجدد على السواء. وسرعان ما تنبّه عمر راجح (الصورة، مشاركاً في عرضه السابق «كونشرتو»)، إلى ضرورة كسر الحصار الذي يعانيه الرقص المعاصر، هذا الفنّ الحديث العهد نسبيّاً، في بيئة ترفض أن تترك للجسد حقّه في التعبير ـــــ فكيف بالأحرى في التجريب؟ ـــــ إلا إذا تحجّم في القوالب الفولكلوريّة والاستهلاكيّة المعهودة.
لهذه الغاية أطلقت «مقامات» مع فرق وتجارب وفضاءات متقاربة، شراكة حيويّة على مستوى المنطقة، على أساس التبادل وبناء مسالك التوزيع العابرة للحدود والحواجز. هكذا تأسست شبكة «مساحات» عام 2006. كان الهدف يومذاك خلق روابط فنية وثقافية بين فرق الرقص المعاصر والراقصين. وتركّز العمل على تطوير الأعمال الفنية المشتركة وتبادلها، بمشاركة راقصين يستندون إلى خلفيّات ثقافية واجتماعية وفنية مختلفة. والمشروع بحدّ ذاته أراد نفسه منذ البداية فضاءً لتبادل الأفكار والخبرات، وتطوير المفاهيم والقوالب الفنيّة تحت راية التنوّع الثقافي، والدفاع عن حرية التعبير وإعادة الاعتبار إلى الجسد في المجتمعات العربيّة والاسلاميّة.
شبكة «مساحات» باتت تجمع اليوم بين لبنان (ملتقى بيروت للرقص المعاصر)، وسوريا (تجمّع «تنوين» للرقص المسرحي) والأردن (المركز الوطني للثقافة والفنون الأدائيّة)، وفلسطين (مهرجان رام الله للرقص المعاصر). أي إن البرنامج الذي يشاهده الجمهور في بيروت، ابتداءً من هذا المساء وحتّى نهاية الشهر، متاح بتشكيلات مختلفة ومواعيد أخرى، في سائر المدن.