كين لوتش، لارس فون تراير، جين كامبيون، مايكل هانيكي، كوبولا، تارنتينو، ألان رينيه، ألمودوفار... لم يسبق أن اجتمع هذا العدد من المخرجين البارزين في دورة واحدة من أي مهرجان سينمائي. «كان» بخير رغم الأزمة العالميّة. أما المشاركة العربيّة (الرسميّة) فتقتصر على الفلسطيني إيليا سليمان
كان ــــ عثمان تزغارت
الذين تنبّأوا بأنّ الأزمة الاقتصادية العالمية ستلقي بظلالها على الدورة الـ62 من «مهرجان كان السينمائي» التي ستفتتح غداً بفيلم UP الثلاثي الأبعاد (إنتاج استوديو «بيكسار ـــ ديزني») من إخراج الأميركي بيت دوكتر، وتستمر حتى 24 الحالي، يجب عليهم مراجعة حساباتهم. صحيح أنّ العدد الإجمالي للأفلام التي رُشِّحت للمهرجان تراجع بنحو 122 مقارنة بالمعدّلات المعتادة. وصحيح أنّ بعض الجوانب الاحتفالية التي تُمَوَّل برعاية الماركات التجارية الشهيرة، ستواجه هذه السنة انتكاسة، بعد إلغاء معظم ميزانياتها الإعلانية. إلا أنّ المهرجان حافظ على نوعية الأفلام المشاركة، إذ مثّلت البرمجة الرسمية مفاجأة سارة لمحبّي الفن السابع. الأعمال المشاركة في السباق على «السعفة الذهبية»، أو في التظاهرات الموازية، تحمل توقيع كوكبة من أكبر صنّاع السينما (52 فيلماً من 120 دولة في التشكيلة الرسمية).
لم يسبق أن اجتمع في المهرجان الفرنسي العريق، هذا العدد من سينمائيي الصف الأول في العالم. تستقطب الكروازيت حالياً خمسة مخرجين ينتمون إلى النادي الضيّق للفائزين سابقاً بـ«السعفة الذهبية». بل إنّ أحدهم ـــــ فرانسيس فورد كوبولا ـــــ ينتمي إلى دائرة أضيق تضمّ خمسة أعضاء فقط نالوا «السعفة الذهبية» مرتين. صاحب «العرّاب» يعود ليفتتح تظاهرة «أسبوعي المخرجين» بجديده Tetro (راجع البرواز).
وتعود النيوزيلندية جين كامبيون التي أحرزت «سعفة ذهبية» (البيانو ــــ 1993)، لتدخل المسابقة بفيلمها «النجمة الساطعة». الدنماركي لارس فون تراير («السعفة الذهبية 2006» عن «الراقصة في الظلام»)، يحاول بدوره انتزاع سعفة ثانية بجديده Antichrist. والرهان ذاته يرفعه كوينتن تارنتينو («السعفة الذهبية 1994» عن Pulp Fiction) الذي يدخل المسابقة بـ«السفلة المجهولون». بينما يعود البريطاني كين لوتش («السعفة الذهبية 2006» عن «الرياح التي تهزّ حقول الشعير») بـ«البحث عن إيريك» الذي يحمل المنحى الاجتماعي والنبرة النضالية اليسارية ذاتها.
ونجد في المسابقة الرسمية كبار رموز «سينما المؤلف» ممن لم ينالوا «السعفة الذهبية»، لكنّ المهرجان منحهم جوائز أخرى بارزة. في مقدمة هؤلاء الإسباني بيدرو ألمودوفار الذي سيعود إلى المسابقة بفيلمه «العناق الكسير». بينما سيشارك النمساوي مايكل هانيكي بـ«المنديل الأبيض»، وسيشكّل الصيني أنغ لي إحدى محطات المهرجان بفيلم «عن وودستوك». أما الفرنسي غاسبار نويي الذي أثار عمله «بلا رجعة» جدلاً في «كان 2002» (تضمّن مشهد اغتصاب عنيف للنجمة مونيكا بيللوتشي)، فسيعود بـ«الصمت المفاجئ»، بينما يشارك الكوري بارك تشان ووك مجدداً بفيلمه «العطش».
وتضم البرمجة الرسمية فئة ثالثة تتمثل في سينمائيين كانوا ــــ في الماضي القريب ــــ من اكتشافات المهرجان. الفيليبيني بريانتي ماندوزا الذي قدّمته تظاهرة «أسبوعي المخرجين» سنة 2007 عبر فيلم John John، ثم أبهر الكروازيت برائعته Serbis، يحمل إلينا فيلمه Kinatay. الصيني لو ــــ يي الذي أطلقه المهرجان عبر «الفراشة الأرجوانية» (2003) ثم «شباب صيني» يشارك هذه السنة، بشريط صُوّر سراً وهُرِّب خارج البلاد من دون موافقة السلطات، تحت عنوان «حمى الربيع».
الفرنسي جاك أوديار الذي اكتشف المهرجان رائعتيه «على شفتيَّ» (2001) و«عن النبض توقف قلبي» (2005)، سيدخل المسابقة لأول مرة بجديده «نبي». أما مواطنه زافييه جيانولي الذي اكتشفته الكروازيت عام 2005 في «حين كنتُ مغنّياً»، فإنه يقفز هذه السنة إلى مصاف الكبار. إذ سيكون جديده «في الأصل» أحد أربعة أفلام فرنسية تخوض السباق إلى «السعفة الذهبية». والفلسطيني إيليا سليمان الذي انتزع الجائزة الكبرى سنة 2002، عن «يد إلهية»، سيقدّم «الوقت المتبقي» الذي سيكون العمل العربي الوحيد المشارك في المسابقة الرسمية (راجع الصفحة المقابلة). أما جوني تو فيسجّل حضوره في المسابقة بـ«انتقام» الذي يؤدي بطولته المغنّي الفرنسي جوني هاليدي.
هناك أيضاً سينمائيتان يتوقّع أن تحدثا المفاجأة في «كان»، وكلتاهما داخل المسابقة، ما يعطيها حضوراً نسائياً مميزاً. إضافة إلى جين كامبيون، هناك الإسبانية إيزابيل كواكسيت التي باتت تُوصف بأنّها «المعادل النسوي لألمودوفار» تدخل السباق إلى الجوائز بجديدها «خارطة لضوضاء طوكيو». والسينمائية الأخرى في المسابقة، هي البريطانية أندريا أرنولد التي يحمل شريطها عنوان «حوض السمك».
أما المفاجأة الأكبر التي تضمنتها تشكيلة «كان»، فتتمثل في عودة سينمائيين مخضرمين سينافسان على «السعفة الذهبية» بعد غياب ثلث قرن. صاحب «هيروشيما حبّي» الفرنسي ألان رينيه الذي غاب منذ 1968، يعود ليقدّم جديده «الأعشاب البريّة». أما الإيطالي ماركو بيلّوكيو الذي افتقده المهرجان منذ الستينيات، فسيعود بـ«النصر» الذي يواصل فيه مساءلة التاريخ الإيطالي المعاصر ويصوّر جوانب خفية من حياة الزعيم الفاشستي موسوليني.
www.festival-cannes.com