رائد وحشيحاول برنامج «أنت ونجمك» المتخصص باستضافة نجوم الدراما السورية أن يذهب بضيف الحلقة إلى منطقة شخصية، تتجنّب البرامج الحوارية إجمالاً الخوض فيها. هذا البرنامج الذي تعرضه الفضائية السورية في دورتها البرامجية الجديدة، يقدّمه نضال سيجري ويعدّه معن صالح ويتولّى إخراجه سعيد الجرّاح. حلقة الخميس الماضي التي استضافت الفنان خالد تاجا كانت حلقة مميزة، إذ كان المشاهدون على موعد مع جرعة عالية من الألم الذي يعيشه نجم كبير بمستوى تاجا الذي بدا جسوراً ولم يتوان عن المكاشفة بأحزانه، والإفصاح عن نكباته الخاصة، وإطلاق العنان لعذاباته ووحدته على الشاشة.. خالد تاجا في «أنت ونجمك» كان مطابقاً إلى حدّ كبير للشخصيات التي جسّدها على الشاشة بملامحه التراجيدية الموغلة في الأسى والقهر والمرارات. «بقدر ما أكون صادقاً كممثل، أصل إلى الجمهور»، يقول. ولنا أن نرى هذا الصدق في عينيه اللتين ما كفّتا تلتمعان بدموع خفية في الاستوديو تحت أسئلة سيجري. وحين جاء دور فقرة «كيفك إنتَ» المخصصة له في البيت، ذهبت الاعترافات إلى صورة أكثر حميمية. الأسئلة القاسية لم تقف حائلاً كي يجيب عنها بشجاعة وجرأة نادرتين. وإذا به يشرّع روحه أمام فضول المحاور والمشاهد، من دون أن يبالي بتغليف صورته بقناع برّاق، بل على العكس استمر بالحديث كما يليق بالفرسان، مشعلاً السيجارة تلو الأخرى. تحدّث عن ولعه الكبير بالمرأة، «المرأة علّمتني الحياة»، واعتبر حياته مرحلة حضانة مستمرة كانت تتناوب عليها نساء مختلفات من الأم إلى الحبيبة فالزوجة.. وحين سُئل عن اكتشاف ابنة له في هولندا، هو الذي لم يسبق أن عرف الأبوّة، لم يترهب الإعلان أن مشاعره غير قوية تجاهها لأنه لم يشارك في تربيتها. كذلك تحدّث عن علاقته الوطيدة بالبكاء، لكنّ أهم ما أبكاه كان شأناً عاماً أكثر من الخاص بكثير. فأشد بكاءاته قسوةً كان عند وفاة جمال عبد الناصر، وضرب المفاعل النووي العراقي، والعدوان الأخير على غزة. هذه السيرة البكائية يلخصها «أنطوني كوين العرب»، كما سمّاه محمود درويش، بعبارة واحدة: «الأنظمة العربية خصتنا».
بين بيت تفوح منه رائحة متحف صغير والاستوديو، كان تاجا يؤدي دور خالد تاجا الذي لم يسبق لأحد أن فكّر كيف سيكون، لكنه دور يتجلّى في جملة من قصيدة كتبها لتوضع على قبره المعدّ عند سفح جبل قاسيون: «مسيرة الحب مليئة بالجنون». ولعل اللقاء يجعلنا نضيف: والألم!!

كل خميس 21:05 ـ على الفضائية السورية