شرائط خضراء، ثياب سوداء و«الموت للديكتاتور» أجواء التظاهرات الإيرانية انتقلت بالصوت والصورة إلى الإعلام الأميركي المبتهج ببذور «ثورة ديموقراطية» جديدة
صباح أيوب
الخبر العاجل من إيران، التحليلات ومقالات الرأي عن الوضع هناك، الصور الفوتوغرافية وشرائط الفيديو المهرّبة من قلب تظاهرات طهران، وضيوف الاستوديو خبراء في الشأن الإيراني... أمّا العنوان العريض فواحد: «سقوط الانتخابات الإيرانية».
يصبّ الإعلام الأميركي اهتمامه الأكبر على تداعيات الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي صنّفها في خانة «الثورات». ولم يزد من حماوة الأزمة إعلامياً سوى قرار منع الصحافيين من تغطية التظاهرات والسماح لهم ببث تقرير واحد يومياً، الأمر الذي احتلّ مساحة كبيرة من أخبار «سي أن أن» التي أضاءت على القمع و«الإعلام البديل» الذي خرق الحظر الصحافي عبر مواقع «يوتيوب» و«تويتر». هكذا، استبدل الصحافيون القابعون في مكاتب «سي أن أن» في طهران تغطياتهم الميدانية بخرائط «غوغل إيرث» والشرائط والصور والتعليقات الواردة على الموقعين، ونقلت احتجاجات المعارضين الإيرانيين. واستعانت المحطة الأميركية بتحليلات ضيوف معظمهم من الموالين للمرشح المهزوم في الانتخابات الرئاسية الإيرانية مير حسين موسوي. ولم تجد «سي أن أن» أفضل من توجيه الانتقادات للصحف... الصينية، في إشارة إلى أنّ «الصين تدعو إلى قبول النتائج الحالية»، مع التذكير بقمع الصين لمراسلي المحطة أيضاً.
كذلك سعت القناة ـــــ عبر الأرشيف ـــــ إلى إقامة تشبيه بين الثورة الإيرانية عام 1979 والأزمة الحالية، محاولةً تبيان نقاط الاختلاف بين الحدثين. ثورة الطلاب سنة 1979 احتلّت بعض عناوين مقالات «نيويورك تايمز» أيضاً التي خصّصت تقريراً مصوّراً (إعداد «أسوشييتد برس») بعنوان «تظاهرات إيران بين الأمس واليوم». وفي مقالاتها، قارنت الصحيفة بين «الثورة الأولى» التي كانت طالبيّة بحتة و«الثورة الحالية» التي تشارك فيها فئات الشعب الإيراني.
الصحيفة التي خصّصت مقالاتها الرئيسية وصورة الصفحة الأولى والافتتاحيات وفقرات التواصل مع القرّاء للموضوع الإيراني نقلت أيضاً أصوات المثقّفين المعارضين أمثال محسن مخملباف ومرجان ساترابي التي تقول إنّ «الشعب لا يريد محمود أحمدي نجاد ولا السلاح النووي، بل يطمح الى الديموقراطية والسلام». وفي مقالات الصحيفة، بلغت النبرة حدّ القول إنّ «النظام الإيراني أهان ذكاء الشعب المعروف بكبريائه»، وتحذير إيران «بأنها ستجد نفسها معزولةً عن الشرق الأوسط المتّجه إلى التغيير». ولمزيد من التصعيد، توقّعت الصحيفة أن يشهد العالم على «تياننمان ثانية، حيث ستسحق دبابات النظام المتظاهرين».
النبرة المرتفعة برزت أيضاً في «لوس أنجلس تايمز» مع محاولة فاشلة لنشر تحقيق عن «ثقافة الشهادة» عند الإيرانيين التي بقيت في الإطار «الغيبي» الغامض! أما «واشنطن بوست» فتميّزت بنبرة أخفّ وتحليل أهدأ لموقف الإدارة الأميركية من الأزمة الإيرانية. اللهجة الأكثر تصعيداً ظهرت في صحف المحافظين الجدد («ناشيونال ريفيو» و«ويكلي ستاندارد»).
مجموعة المتطرّفين الذين افتقدوا خطابات جورج دبليو بوش الحادّة رجوا باراك أوباما العدول عن سياسته الهادئة تجاه «الدولة المارقة الراعية للإرهاب» متهمين الرئيس بـ«المحافظة على النظام الإيراني». «افعلها أرجوك سيادة الرئيس. أوقف من يريد تدمير إسرائيل. قف إلى جانب الديموقراطية» يقول أحد المعلّقين. وقد وجّه الصحافيون المحافظون انتقادات عديدة لأوباما حتى قيل إنّه «عندما يتحدث في الموضوع الإيراني يزن كلماته ثلاث مرات قبل أن ينطق بها»!