بيار أبي صعبمنذ السطر الأول لـ«إصلاح التعليم في السعوديّة» (الساقي)، يضعنا أحمد العيسى أمام الحقيقة السافرة: «نظام التعليم في المملكة يصلح لتخريج كتبة للمستوى الخامس في الوظيفة الحكوميّة». أما النخب التي تمسك بمقاليد البلاد، فليست، في نظر مدير جامعة اليمامة في الرياض، إلا استثناء يؤكّد القاعدة: ربّما وصل هؤلاء «بجهد ذاتي، أو دعم اجتماعي، أو بتعليم حرّ»، لكن يستحيل أن يكونوا ثمرة «ذلك النظام المتخلّف». الأكاديمي الذي خصّه تركي الدخيل بحلقة من «إضاءات» على «العربيّة»، يتعرّف إليه القارئ عبر كتاب يعكس إلماماً بالواقع السعودي، ويقدّم مقاربة عقلانيّة لمشكلاته، تحترم الجميع من دون أن تهادن في ضرورة الانفتاح على العصر، ومواكبة حركة التطوّر.
يسأل العيسى: «لماذا فشل النظام التعليمي في إنتاج آليات التطوير من داخله؟»، مستعيداً أسباب إخفاق المحاولات الإصلاحيّة، بين عقل سياسي يخاف التغيير، وذهنيّة سلفيّة معادية للتطوّر، وأعباء بيروقراطيّة. ويعرض للتقارير التي رصدت المناهج السعوديّة، منRand corporation إلى «مؤتمر الحوار الوطني الثاني» (مكّة/ 2004). كما يتطرّق إلى مسائل شائكة كتعليم المرأة والتربية الدينيّة. بدلاً من المراهنات الساذجة على الليبراليّة الأميركيّة، أو التمسّك بتطبيقات بالية للدين، يعتبر الباحث أن تطوّر المجتمع الذي خرّج 15 من أصل 19 «متهماً» في 11 سبتمبر، يبدأ من إصلاح جذري لنظامه التعليمي، والتصدّي لـ«خواء معرفي وضعف علمي» هما مرتع الأصوليّات والتخلّف. مفتاح الحلّ برأيه، في خلق توازن جديد بين المثاليّة والبراغماتيّة. لم يبقَ إذاً سوى إقناع النظام السياسي المتحالف مع المؤسسة الدينيّة.