أصبح «سمعان بالضيعة» على كلّ لسان قبل أن يصل إلى الصالات. الوثائقي الإبداعي الذي افتتح مهرجان «أيام بيروت السينمائيّة» عام 2008، عرض في أكثر من 40 مهرجاناً حول العالم، كدّس الجوائز، وجعل بطله سمعان الهبر نجماً. هذا ما لم يكن ليخطر في بال الرجل الذي يقبع وحيداً اليوم في قريته عين الحلزون بعدما هجرها سكّانها خلال حرب الجبل (1983) ولم يعودوا إليها إلا في موسم القطاف. وحده سمعان الهبر ـــــ عمّ المخرج ـــــ يقضي أيامه البطيئة مع بقراته وكلبه وقطته وحصانه بيوتي. الفيلم الذي نال جائزة لجنة التحكيم في «مهرجان دبي السينمائي الدولي» العام الماضي، ينقلنا إلى تفاصيل الحياة الروتينية لرجل اختار الابتعاد عن المدينة طوعاً. نراه يستيقظ صباحاً، يعدّ قهوته، يحلب بقراته، يحاورها حتّى. نراه يدوِّن على دفتر خاص تاريخ ميلادها وحبلها، يعطيها أيضاً أسماء علم. كأنّه تحوّل مختاراً لقرية فيها بضع أبقار، وبضعة منازل فارغة ورجل واحد.نكتشف في سمعان الهبر رجلاً طريفاً رغم وحدته، يتحاشى سرد آلام الماضي، كوفاة والديه (في الحرب الأهلية؟)، لكنّه لا يتردد في الحديث عن مغامراته العاطفيّة القديمة مع شبيهة ميراي ماتيو، والحديثة مع شاكيرا. بكثير من الصبر، يصوّر سيمون تعاقب الأيام في تلك القرية المهجورة. يبدأ شريطه بمشهد يصوّر سيارة عمّه ومنزله مغطيّين بالثلج. لاحقاً، يستقبل مع كاميرته موسم العنّاب، وزوّار القرية من أهلها المهجّرين الذين يأتون لقطاف الثمار الحمراء. جوّ من السكون التام، يجعل تلك القرية وساكنها فضاءً خارج الزمن، لا تعبره إلا زيارات الأقارب القليلة. يحدّث المخرج هؤلاء عن ذاكرتهم أيضاً، يسمع منهم قصّة عين الحلزون حين كانت مأهولة. ترك المخرج لكاميرته تسجيل لحظات نادرة، أصبحت مهددة بعجلة الزمن. يصوّر أيضاً قصّة رجل طريف يبقى ماضيه مجهولاً رغم كل شيء. إنّه يصوّر حالةً راهنة، تحكي بصدق أكثر من الاسترجاع المكرور، نير الماضي الثقيل وذاكرة الحرب الثقيلة.


«متروبوليس ــ صوفيل» (الأشرفية) ــ للاستعلام: 01/204080