من مصر إلى إيران وإندونيسيا، لجأ عدد كبير من الشباب إلى موقع «فايسبوك» لتنظيم تحركات سياسية معارضة وتظاهرات مطلبيّة
ليال حداد
يبدو أنّ الأنظمة الحاكمة في العالم بدأت تدرك عدوّها الجديد: إنها الشبكة العنكبوتية، وتحديداً «فايسبوك». هذا أقلّ ما يقال عنه بعدما تحوّل الموقع الاجتماعي الأشهر عالمياً، إلى وسيلة للتعبئة والحشد وشحذ الهمم وتنظيم تظاهرات وتحرّكات سياسية ومطلبيّة. من إندونيسيا إلى مصر مروراً بإيران، لم يوفّر متصفّحو «فايسبوك» وسيلةً إلا استخدموها لإنجاح تحركاتهم. المثال الأنصع حتى اليوم هو ما بات يعرف بـ«إضراب 6 أبريل» (2008) في مصر. يومها، لجأت مجموعة من الشباب المصريين إلى توجيه دعوة لجميع المواطنين للمشاركة في إضراب عام يعمّ مختلف المناطق المصرية احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية والسياسية. وتجاوز عدد أعضاء المجموعة المئة ألف. لم ينته التحرّك عند حدود السادس من نيسان (أبريل)، بل تحوّلت المجموعة من تجمّع إلكتروني إلى تنظيم سياسي يحمل اسم «شباب 6 أبريل»، ينظّم نشاطات مختلفة. وتأكيداً على أهمية الدور الذي يلعبه الإنترنت في تسهيل العمل السياسي، كتب أحد أعضاء «شباب 6 أبريل» مقالاً بعنوان «لا تستهينوا بالمعارضة الإلكترونية!»، أعلن فيه أن التحرّك السياسي المعارض «أصبح سهلاً ويسيراً، بل أسهل من شرب الماء بفضل ثورة المعلومات والاتصالات». ومن مصر إلى إيران التي ترافقت انتخاباتها الرئاسية الأخيرة، مع نشاط إلكتروني كثيف، تركّز خاصة على المدوّنات وموقع «تويتر» و«فايسوك». وأكبر المجموعات الـ «فايسبوكية» هي Million Facebook members for Democracy in Iran 100 التي تضمّ حالياً أكثر من 250 ألف عضو. تعلن المجموعة عن النشاطات التي ينظّمها المعارضون الإيرانيون في مختلف أنحاء العالم، كما تدعو في بعض الأحيان إلى تحركات من تنظيم أعضائها. أما المثال الثالث على فعالية «فايسبوك» فهو من إندونيسيا التي حشدت أكبر عدد من الأعضاء، في المجموعة الخاصة بجمعية KPK الخاصة بمراقبة الفساد المالي والإداري في السلطة

أشهر التحركات على الإنترنت كانت تنظيم إضراب «6 أبريل»

الإندونيسية ومكافحته. هنا أيضاً، تجاوز عدد أعضاء المجموعة مئتي ألف، وقد استطاع هؤلاء أن يمثّلوا عامل ضغط على السلطات لإطلاق سراح نائبَي رئيس المنظمة اللذين اعتقلا في 29 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
من جهة أخرى، تبيّن أخيراً، وخصوصاً خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية، حجم الضغط الذي يُمكن أن تمثّله بعض المجموعات على «فايسبوك»، وحجم تأثيرها في الرأي العام. نظرة سريعة إلى عدد المجموعات التي أُسست لدعم حملة الرئيس باراك أوباما، تظهر الدور الفعّال الذي لعبه «فايسبوك» في مساندة المرشّح الشاب. الصفحة الشخصية التي أسّسها بعض مشجّعي أوباما وصل عدد أعضائها إلى أكثر من ستة ملايين ونصف مليون عضو وهو رقم خيالي بالنسبة إلى «فايسبوك». وقد أسهمت عمليات التعبئة هذه في انتشار شعبية أوباما، وخصوصاً في الأسابيع القليلة التي سبقت الانتخابات.