strong>زينب مرعيسلسلة العواصف السياسية والأمنية والاقتصادية التي شهدها لبنان، كادت تُغرق «سفينة نوح». لكن ها هي المكتبة ترسو من جديد في ميناء الثقافة اللبنانيّة ـــــ رأس بيروت تحديداً ـــــ بعدما تخطّت تداعيات عدوان تموز، الذي كان الأعتى عليها. صاحبتها ليلى بساط قرّرت أنّها لن تنضمّ إلى لائحة المكتبات التي تتوالى على الإقفال في منطقة رأس بيروت، فأعادت إطلاق مكتبتها في 10 كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
الحرب التي أدّت إلى هجرة الجيل الشاب والأجانب من المنطقة المحيطة بالمكتبة التي تأسّست عام 1993، دفعت بساط إلى إقفال أبوابها أربعة أشهر خلال الصيف الماضي بهدف مراجعة وضع المكتبة. ارتفاع سعر اليورو وهذا التغيير الديموغرافي الذي لحق بالمنطقة، كانا سيجبرانها على الإقفال. إلّا أنّها عادت وتخلّت عن الفكرة وأعلنتها «استراحة محارب» فقط.
هكذا، أعادت تصميم المكتبة، وزيّنتها برسوم طلّاب التصميم الغرافيكي في الجامعة الأميركيّة في بيروت. لكن التغيير يطال المضمون أيضاً. رغم تخصّص «سفينة نوح» بكتب الأطفال والألعاب التربويّة بشكل رئيس، وتركيزها على تخصيص ورش عمل للأهل لتحفيز أولادهم على القراءة، وورش للأساتذة بهدف تفعيل اللّغة العربية... فإنّها استحدثت قسماً للكبار يضمّ أحدث إصدارات الكتب بالعربية، والفرنسيّة والإنكليزيّة.
تعتمد بساط على لائحة جائزة «بوكر» ولوائح الصحف الأجنبيّة لاختيارها. النشاطات العديدة التي تنظّمها المكتبة في المعارض أو المدارس أو داخل المكتبة نفسها، تعكس وجهة نظر بساط في الدور الذي يجب أن تؤدّيه المكتبة بهدف تفعيل الحياة الثقافية في الحيّ والمدينة، متخطّية دورها في بيع الكتب وشرائها. لذلك، استحدثت بساط، أيضاً، طابقاً جديداً في مكتبتها، هو «نواة مكتبة للجميع» كما تسمّيه. هذا القسم معدّ لإعارة الكتب مقابل مبلغ 50000 ليرة في السنة. كذلك، أطلقت المكتبة برنامج «المفكّرون الصغار» حيث تعلّم الدمى الأطفال على الأحرف والأرقام والألوان، وتعرّفهم على الحيوانات من حولنا، باللّغة العربية. وإن كنت تحبّ أن تشرب قهوتك وأنت تقرأ صحيفتك صباحاً، فإنّ صالون المكتبة الجديد يرحّب بك. وهو يستضيف، نهار خميس واحد من كل شهر، ضيفاً ليتحدّث في مجال اختصاصه. هكذا، تعقد المكتبة أول اجتماع في صالونها، في الـ21 من كانون الثاني (يناير)، مع المختصّ في السجاد والأقمشة القديمة والتراثية وفنون آسيا الوسطى، هادي مكتبي. إنّه لقاء مفتوح يأخذنا في رحلة في آسيا الوسطى للتعرّف إلى حضاراتها عبر فنّ السجّاد والأقمشة القديمة وفنون عديدة أخرى. وخلال «الدردشة»، تُبرِز «سفينة نوح» الكتب المختصّة بموضوع النقاش.