Strong>برنامج غنيّ ومنوّع يذكّر بـ«بعلبك» الستينياتالموسيقى الكلاسيكية الغربية محور «مهرجان أبو ظبي» الذي ينطلق مساء اليوم في «مسرح قصر الإمارات». المحطات الأخرى تتوزّع بين المسرح والرقص وموسيقى البوب الأوبرالية... وتمزج بين الكلاسيك والتراث العربي مع نصير شمة

بشير صفير
لا شك في أنّ المعرفة، والخبرة التنظيميّة، والميزانيّة، والاستقرار الأمنيّ تمثّل أهم شروط النهوض ببرنامج استثنائي في أيّ مهرجانٍ. من هنا، يمكن استنتاج العناصر الكامنة وراء البرنامج الغنيّ لـ«مهرجان أبو ظبي» الذي ينطلق اليوم في «مسرح قصر الإمارات». طبعاً، الميزانية والاستقرار هما تحصيلٌ حاصل في بقعة تنعم بالبحبوحة والسلام. أما المعرفة الفنيّة والخبرة التنظيميّة، فتوفّرهما اللجنة التي تترأسها هدى كانو، وتضمّ أسماءً عربية وأجنبية.



PENDERECKI, from THRENODY FOR THE VICTIMS OF HIROSHIMA







هكذا، يمكن لمن يستعرض البرنامج أن يتذكّر مجد «مهرجانات بعلبك الدولية» في الستينيّات ومطلع السبعينيّات. في برنامج «مهرجان أبو ظبي» هذه السنة، لا مكان للحدث العادي. عموماً، تمثّل الموسيقى الكلاسيكية الغربية محور المهرجان. أما الجاز فيحجز ليلة وحيدة مع عازف الترومبت الأميركي الشهير وينتون مَرْسالِس (5/4)، فيما كان يُفترض أن يكون للأغنية اللبنانية التراثية والطرَبيّة الشعبيّة حضورٌ قويّ مع أمسية لوديع الصافي (3/ 4). لكنها ألغِيَت لاحقاً واستُبدِلت بها حفلة لعازفة القانون هاسميك ليلويان التي تجمع بين الأنغام التراثية والحداثة (التجاريّة أحياناً). أما المحطات الأخرى فتتوزّع بين المسرح والرقص وموسيقى البوب الأوبرالية مع فرقة Il Divo (2/ 4)، إضافة إلى حفلة تجمع بين الموسيقى الكلاسيكية والتراث العربي مع عازف العود العراقي نصير شمّة (4/ 4نبدأ من الافتتاح الحدث، مع المؤلف البولوني الكبير كريستوف بندِرتسكي (1933). الملمّ بالتيارات الطليعية قد يعدّ اللقاء الحيّ ببندِرتسكي حدثاً تاريخيّاً. الرجل يُعدّ من الأعمدة الثلاثة التي قامت عليها الموسيقى الكلاسيكية في بولونيا بعد الحرب العالمية الثانية، إلى جانب مواطنَيْه لوتوساوفسكي وغورتسكي. عند الثامنة من هذا المساء، يطلّ المؤلف البولوني قائداً «الأوركسترا السيمفونية للإذاعة الوطنية البولونية» في أمسية مخصّصة للمئوية الثانية لولادة شوبان. لم ترِدْ التفاصيل في البرنامج، لكن بندِرتسكي، وهو أيضاً قائد أوركسترا مرموق (يقود عادةً أعماله المسجَّلة)، قد يفسح في المجال لأعمال مواطنه الذي تمثّل ذكراه الحدث العالمي، تاركاً جانباً أعماله الخاصة. أما وجود عازف بيانو (كريستوف يابلونسكي الشهير) إلى جانب الأوركسترا، فيحيلنا على تكهّنٍ سهلٍ، أي مؤلفات شوبان للبيانو والأوركسترا (كونشرتو عدد 2، وأعمال متفرقة) بما أن شوبان لم يكتب للأوركسترا وحيدةً.
بعد الافتتاح المميَّز، يقدّم «مسرح سالزبورغ للدمى» في 23 الجاري عرضاً بعنوان «صوت الموسيقى» (Sound of Music)، هو اقتباس للفيلم الشهير بالعنوان نفسه، تليه في 25 الحالي رائعة المؤلف الإيطالي بوتشيني، أوبرا La Bohème، التي تؤديها «أوبرا مهرجان بوتشيني» بقيادة ألبرتو فيرونيزي.
حصّة الجاز تقتصر على حضور عازف الترومبت الأميركي الشهير وينتون مَرْسالِس
من العرض الأوبرالي الحيّ، ينتقل البرنامج إلى محطة مع الأوبرا أيضاً، لكنها تتخذ شكلاً غريباً، إذ تُعرَض أوبرا «هاملت» في بثّ مباشر من الـ«متروبوليتان» في نيويورك (ثاني أشهر دار أوبرا في العالم بعد «لا سكالا» في ميلانو). الأوبرا تستند إلى الإرث الشكسبيري طبعاً، غير أن اسم المؤلف الموسيقي لم يُذكر في البرنامج. لكن من شبه المؤكد أن المقصود هو آنبرواز توما (Ambroise Thomas). أمّا ما يزيد الموعد غرابة فهو أن حضور العرض يتطلب دعوة خاصة! فهل يعود السبب إلى القصة التي تدور حولها أحداث «هاملت» المليئة بالنزاعات الدامية على الخِلافة؟ يولي المهرجان اهتماماً خاصاً بذكرى شوبان، ويقدِّم له تحية ثانية لن تكون الأخيرة، عبر أمسية لعازف البيانو الياباني الشاب نوبويوكي تسوجي، يؤدي خلالها مجموعة من أعمال المؤلف البولوني (28/ 3). يلي ذلك عرض «ليلة الباليه» (30/ 3)، تجتمع فيها نخبة من الراقصين (مسرحَيْ البولشوي ومارينكسي وغيرهما). تؤدي المجموعة لوحاتٍ من إعداد مكسيم بيلوسيركوفسكي وإيرينا دفوروفينكو. وفي 31 الحالي، أمسية تجمع الفن التشكيلي بالفيديو والموسيقى. هكذا يؤدي عازف البيانو ليف أوف أنسْنِس المتتالية الشهيرة للمؤلف الروسي موسورغسكي «صور في معرض».



PENDERECKI, LACRIMOSA from UN REQUIEM POLONAIS







يستهل المهرجان نيسان بتحية ثالثة وأخيرة إلى شوبان. يقدّم عازف البيانو الصيني يوندي لي برنامجاً يضمّ مجموعة من أعمال «شاعر البيانو». ويختتم المهرجان (6 و7/ 4) بحدثَيْن استثنائيَّين مع أوركسترا لندن السيمفونية التي تقدّم أمسيتَيْن؛ الأولى مع القائد الإستوني كريستيان يارفي وعازف البيانو واين مارشال، والثانية مع القائد الأسطوري كولِن دايفس وعازفة الكمان آرابيلا شتاينباخر. كذلك يستضيف المهرجان من 20/ 3 حتى 7/ 4 معرض «فنانون من الشرق الأوسط» الذي يحتضن أعمالاً لفنانَيْن معاصرَيْن، هما النحات الإيراني بارفيز تانافولي Parviz Tanavoli، والنحات المصري الكبير آدم حنين.

8:00 مساءً اليوم حتى 7 نيسان (أبريل) المقبل ـــــ «مسرح قصر الإمارات» ـــــ
www.abudhabifestival.ae