ابنة القيادي الشهيد تستعيد صورته الحميمة
تختم حوراء كل قصة تستعيدها بما يشبه المناجاة مع روح والدها. تكتب هنا للمرّة الأولى، بعدما وجدت في الكتابة وسيلة لنقل تجربتها الحُبلى باللحظات المؤثرة. تركز في سردها على ما أولاه والدها من عناية للأيتام. فقد وضع حرب الأحجار الأولى لـ«مبرة السيدة زينب» القائمة اليوم في جبشيت، ولم ينتظر إنجاز المبنى، بل اتخذ من الطابق الأرضي في الحسينية مكاناً لإقامة الأيتام. أما اليتيمات، فلم يفكّر كثيراً قبل أن يطلب من زوجته تهيئة غرفتين في منزلهما لاستقبالهن.تغبط حوراء كل من عرف أباها عن قرب أكثر منها. كانت وإخوتها قلما يصادفونه خلال النهار، إذ كان أصحاب الحاجة يأتون لأخذ الشيخ، وكان هو لا يتردد في خدمة الناس والسهر على التخفيف من معاناتهم. تروي كيف دخل والدها البيت مرّةً وهو يحمل شقيقها أحمد ابن السنتين، وسعادته لا توصف. روى لهن كيف أوقفهم حاجز إسرائيلي، وكيف مد الضابط يده نحو أحمد مسلّماً، فعبس الصغير في وجهه ووضع يديه خلف ظهره، فاستشاط الضابط غيظاً وصرخ: حتى أولادكم تعلمونهم معاداتنا». كان هذا تكريساً لموقف الشيخ مع الضابط الإسرائيلي الذي اقتحم بيته يوماً ومد يده مصافحاً، وصار ردّه عليه شعاراً يخطّه المقاومون في «حزب الله» على أسلحتهم: «الموقف سلاح والمصافحة اعتراف».