صبا عنّاب في أدغال المدن
زينب مرعيمشاهد أبوكاليبتيّة وكيانات معذّبة ومبان مشقوقة
الشابة. عمل عناب الفني، ليس إلّا امتداداً لرؤيتها للمدينة والعمارة ورؤيتها الفنيّة عموماً. عملية البناء تطرح لدى المعماريّة الكثير من التساؤلات. كيف نبني؟ وكيف يتحكّم فينا هذا البناء؟ وكيف نتحكم فيه نحن؟ إلى أيّ مدى هناك تدمير وقسوة في عملية البناء ذاتها؟ بالنسبة إلى عنّاب، يحدّد المعمار شكل مبان سنتعامل معها عقوداً على الأقل. كيف أتت وعلامَ قضت؟ من هنا، على المعمار أن يكون واعياً لدوره وتأثير ما يفعله في حيوات الناس والمدينة، وفهمه للسياق الذي يأتي فيه البناء حتى لا يبدو إسقاطاً.المعرض في مستوياته العديدة يبدو تعبيراً عن رؤيتها هذه وعن إشكالية المكان وتعاملنا الشخصي معه. المعرض مثل التقنيّات المستعملة فيه مفتوح على الكثير من الاحتمالات والتأويلات. خطوط الحبر المتشابكة في اللوحات على الأكريليك، تضعك أمام صور وتشبيهات ستبتكرها بنفسك في عملية تشبه التحليل النفسي. وتمتزج هاتان المادتان في بعض اللوحات مع الباستيل الزيتي، كما تستعيض الفنانة أحياناً عن الخطوط الحبريّة بحفر في الخشب. هكذا، أتى المعرض متأثراً بخشونته وفجاجته ومظاهر التعذيب فيه بأعمال الإيرلندي فرانسيس بايكون. امتداداً لنظرتها الفنيّة، اختارت عنّاب مكاناً مختلفاً أيضاً لتعرض لوحاتها. ابتعدت عن الغاليريهات، واختارت منزلاً في بناية سكنيّة قديمة، في منطقة الصنائع. تقول عنّاب إنّ ألوانه أعطت قوة لمعرضها. لكن الأهمّ أنّه نجح في خلق تفاعل بينها وبين سكّان المبنى والجيران. بالنسبة إلى الفنانة، هكذا تُبنى العلاقة بيننا وبين المدن.
حتى يوم غد ـــــ «مبنى فواز» (مقابل حديقة الصنائع/ بيروت) ـــــ للاستعلام: 03/412659