الرباط ــ محمود عبد الغني عن «الثقافة كأولويّة، وقضية تستحق أن تحتل مركز الصدارة في النقاش الوطني العام»، كتب عبد اللطيف اللعبي رسالةً مفتوحةً إلى الرأي العام المغربي. تحت عنوان «من أجل ميثاق وطني للثقافة»، جاءت رسالة صاحب «مجنون الأمل» في سياق الهزة غير الاعتيادية التي شهدها الوسط الثقافي المغربي. سيل مقالات وبيانات صدرت عن المرصد المغربي الذي يراقب سياسة «وزارة الثقافة»، وشى باعتراض أوساط المثقفين على بعض قرارات وزير الثقافة المغربي بنسالم حميش. سجال طفا على السطح بعد أزمات أعمق شهدتها الساحة المغربيّة العام الماضي، من أزمة «اتحاد كتّاب المغرب» إلى أزمة «بيت الشعر» العريق.
طوال عقود، لم ينفكّ اللعبي ينبّه الرأي العام والمسؤولين السياسيين في بلاده إلى وجود حلقة مفقودة في سلسلة الاختيار الديموقراطي والحداثة والتنمية البشرية والمشروع المجتمعي الجديد. تلك الحلقة هي الحلقة الثقافية التي يجعل غيابها من كلّ المفاهيم الأخرى مجرّد وهم. في رسالته التي وصلت بالبريد إلى بيوت المثقفين المغاربة، وقد تصل إلى السياسيين أيضاً، رأى اللعبي أن «... النكران المستمر لرهان الثقافة يعرّض للتلف المكتسبات ذات البعد الرمزي القوي التي تحققت خلال العقد الأخير، وأفدح من ذلك أنه قد يؤدي في المستقبل إلى تعطيل المشروع الديموقراطي برمته».

حلقة مفقودة في مشروع الديموقراطية والحداثة والتنمية

لكن رسالة اللعبي لم تخل من نبرة تفاؤل، إذ ثمّن الحراك الثقافي رغم الغياب شبه التام لأجهزة الدولة والهيئات المنتخبة، ونوَّه بمبادرات المثقفين والمبدعين وهيئات المجتمع المدني. وأشاد بالإنتاج الأدبي الذي شهد تجدداً في الأشكال وتنوعاً في اللغات، وبروزاً ملحوظاً في الأصوات النسائية.
كتب اللعبي من موقع المدرك لكون المغرب يقف عند مفترق طرق، وكون المثقف المغربي يعيش زمن تساؤلات وشك. والسبب ـــــ برأي اللعبي ـــــ هو الضبابية التي أصبحت تعتري المشروع الديموقراطي ومفهوم الديموقراطية والغموض الذي يهيمن على السياسات الثقافية عموماً.
بناءً على هذه المعطيات، اقترح صاحب «غونكور الشعر 2010» نداء «من أجل ميثاق وطني للثقافة»، يدعو إلى وضع «مخطط عاجل» لاستئصال الأمية، وتكوين لجنة علمية تتقصى الحاجات التعليمية والثقافية.
كذلك طالب اللعبي بإنشاء مركز وطني للفنون والآداب ينسج علاقات مع المبدعين وينصت إليهم ويشجع على التفرغ لإنجاز مشروع أدبي أو فكري، وإنشاء وكالة لإشعاع الثقافة المغربية في الخارج، والإقدام على إنقاذ الذاكرة الثقافية المغربية المعاصرة والقديمة... فهل سيلقى هذا النداء آذاناً مصغية؟