ناقش فقرة «بانوراما» على «العربيّة»، ليلة أوّل من أمس، حق فيروز في إعادة تقديم التراث الرحباني. لقد قرر أبناء منصور مواجهة الرأي العام أخيراً... «لولا المحامي» الذي نسي المادة الثانية من نظام الساسيم
بيار أبي صعب
«نعرفك ناقداً فنيّاً، لكنّك لست خبيراً في القانون. لست حتّى ناقداً ثقافياً. أنا كخبير أؤكّد لك: حقوق الملكيّة الفكريّة لا تحدّدها الـSACEM». الأستاذ الذي استقدمته محطّة «العربيّة» أول من أمس، ليدلي هاتفيّاً برأيه كـ«خبير» في مسألة الحصار المضروب على فيروز، بهدف منعها من تقديم أي عمل من التراث الرحباني، «من دون موافقة أبناء الفنان الراحل منصور الرحباني وإذنهم»، ارتكب ثلاث حماقات على الأقل في جملة واحدة. في استوديوهات «العربيّة» في بيروت، كان لكاتب هذه السطور شرف التعبير عن مشاعر الشارع العربي الذي يرفض تكميم فيروز. على الضفّة الأخرى، جلس الفنّان أسامة الرحباني الذي جاء يدافع عن ورثة منصور، بعد الانتقادات (القاسية أحياناً) التي انهالت عليهم من كلّ حدب وصوب، بسبب مطاردتهم فيروز. أما المحامي بيار خوري، فجاء يرجّح كفّة النقاش بفتواه القانونيّة المنزلة: «كلا، لا يحقّ للسيّدة فيروز أن تقدّم أعمال الرحابنة من دون الحصول على موافقة ورثة منصور».
المحامي المذكور صاحب أطروحة دكتوراه عن الملكيّة الفكريّة من جامعة مونبولييه، وعضو «لجنة الملكيّة الفكريّة» في نقابة المحامين (له خبرة في الدفاع عن الملكيّة الفكريّة لـ... «مايكروسوفت»). ومع ذلك، فهو لا يعرف ما هو الناقد الفنّي و«الناقد الثقافي» (!). ولا يعرف أن النقاش حق عام لا يقتصر على «الخبراء»، وأن المواطن لا يفترض به أن يجهل القانون حسب مبدأ أساسي في تطبيق العدالة. وقد اعتبر الأستاذ خوري أنّ «اتيكيت» الخبير القانوني الملصقة به، كافية كي يكون على صواب، مهما قال، ومهما حاول اللعب على الحقائق. وأخيراً فات الأستاذ خوري أن أي صحافي يحترم نقسه، يدرس ملفّاته جيداً قبل أن يتناول الوقائع، أو يدلي برأيه في سجال.
لو عرف كل ذلك، لما سمح لنفسه بأن يضلل المشاهدين، ويتجاهل النظام الأساسي للـSACEM (شركة المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى) التي تنازل لها الراحل منصور عن حقوق الرحابنة بتاريخ 13/12/1963. فالمادة الثانية من ذلك النظام، كما

المصلحة الشخصيّة لو ثبتت تجعل من شهادة الخبير موضع شكوك وتساؤلات
حاولنا أن نبيّن، تنص بوضوح لا يقبل اللبس، على أن كل مؤلف أو ملحن ينضم إلى الساسيم، «يتنازل لها (...) في كل دول العالم، عن حق الموافقة أو المنع بشأن أي تنفيذ أو أداء علني لأعماله منذ لحظة إبداعها». أما الاستثناء الوحيد، فيتعلّق باستعمال جزء من تلك الإبداعات في عمل مسرحي أو سينمائي أو سمعي بصري. في تلك الحالة فقط يعود القرار للمؤلّف في السماح بذلك أو منعه. بهذا المعنى، من ضمن اجتهادات قانونيّة ومنطقيّة عدّة (منها أن الممارسة الفعليّة لها فعل القانون، وفيروز تؤدّي تلك الأعمال منذ عقود، وقد اقترنت بها ونشرت باسمها، من دون أن يعترض أحد)، فإن المطربة الكبيرة لم تعتدِ على حقوق أحد، ما دامت الساسيم هي التي تعطي الاذن، وهي التي تعيد توزيع الحقوق الماديّة. وبما أن «الصحافي» يعرف أشياء كثيرة، فإن المعطيات والوقائع التي بين أيدينا، تخوّلنا طرح علامات استفهام حول علاقات الأستاذ خوري وارتباطاته... فلو ثبت أن له مصلحة شخصيّة، لباتت شهادته ـــ كخبير ـــ موضع شكوك وتساؤلات.
لكن مهلاً، لقد نسينا السؤال الأساسي: هل إسكات فيروز ومنعها من الغناء... قضيّة قانونيّة فقط؟