تزامناً مع عيدها الثالث، أطلقت الإذاعة السورية حملةً تضامنيةً مع «سفيرتنا إلى النجوم»، من خلال تكثيف بثّ أغانيها، واستقبال إعلاميّين وفنّانين للمطالبة بوقف الدعاوى ضدها
دمشق ــ وسام كنعان
منذ ثلاث سنوات، وإذاعة «شام أف أم» تُطلق مشروعاً جديداً يتزامن مع ذكرى انطلاقها. مع اكتمال عامها الأول، نظّمت حفلة للفنانة أصالة نصري. وفي السنة الثانية، أطلقت بثها الفضائي التلفزيوني (تبثّ من مصر). أمّا في عامها الثالث الذي يكتمل هذا الشهر، فتستعد الإذاعة السورية لإطلاق موقع إلكتروني شامل يحمل اسم «شام نيوز». وربما شاءت المصادفة أن يتزامن العيد الثالث للإذاعة، مع انشغالها بقضية مهمّة تفرد لها حصة كبيرة من برامجها. إذ أطلقت «شام أف أم» منذ أسابيع حملةً تضامنيةً مع فيروز سمّتها «فيروز في القلب».
هكذا، احتلّت صورة فيروز الشاشة التلفزيونية التابعة للإذاعة. طبعاً، ليست هذه الخطوة مستغربة، فهذه الإذاعة تحديداً تفرد ساعات طويلة من هوائها لبثّ أغاني فيروز ومسرحيات الرحابنة وموسيقى زياد تحديداً.
«في ظل موجة التشويه الفني الذي يواجهه مجتمعنا، ربما صار مفروضاً على الإعلام أن يكون سطحياً وفضائحياً في بعض الأحيان. لكن هناك رمز لا يزال يبشّر بحالة مختلفة تماماً. رمز يشعرك باحترامه لذائقتك، وطريقة تلقّيك، وربما هي آخر رموز الفن الأصيل... إنها السيدة فيروز» يقول مدير الإذاعة سامر يوسف لـ«الأخبار». ويضيف: «من هنا، ولدت فكرة الحملة التضامنية مع فيروز للمطالبة بوقف الدعاوى ضدها».
إذاً بدأت الإذاعة السورية متمثلةً بمديرها وأبرز القائمين على برامجها ـــــ أي الإعلامية هيام حموي ـــــ الإعداد لخطوات عملية تقف بوجه المنع الذي صار يُفرض على فيروز وعلى إطلالتها على المسرح. وهو الأمر الذي يعدّه يوسف إساءةً إلى تاريخ الرحابنة وتراثهم.
احتلّت صورتها الشاشة التلفزيونية التابعة للإذاعة
ورأت الإذاعة أنّ حملتها هذه جزء من واجبها تجاه التراث الرحباني، فزادت ساعات البث الخاصة بصاحبة الصوت الملائكي: بدءاً من الرابعة صباحاً مع اختيار إحدى مسرحيات فيروز وبثّها حتى التاسعة صباحاً. ثم فترة إضافية تشرف عليها هيام حموي، وتحقّق فيها طلبات المستمعين للأغاني الفيروزية خصوصاً. كذلك، تبث الإذاعة أغاني رحبانية في الفترة المسائية. ومن ثم فترة أخرى خاصة بزياد الرحباني، للوقوف عند تجربته المهمّة والغنية. إضافةً إلى ساعات البث، تستقبل الإذاعة السورية مثقفين وفنانين من داخل سوريا وخارجها، على أن يكون لهؤلاء صلة بالتاريخ الرحباني والسيدة فيروز للتضامن معها، من رندة المر، إلى حنان قصاب حسن، ومجموعة من كتّاب عاصروا الرحابنة.
في هذا الإطار، يقول سامر يوسف: «فيروز لم تكن تابعة لأحد، فقد غنّت لكل المدن ولم تغنّ لأيّ زعيم سياسي، وقد يجعل ذلك منها هدفاً سهلاً للاصطياد ولعرقلة مسيرتها». ويكشف مدير «شام أف أم» أنّ حلم إذاعته هو استضافة فيروز. ولكن هذا الحلم تأجّل «كي لا يظنّ بعضهم أننا نستغلّ الأزمة الحالية لتحقيق مكاسب إعلامية».
تتعامل الإذاعة السورية ومديرها مع السيدة فيروز كما لو أنها الوطن. هكذا يفهم القائمون على هذا المنبر ما قدمته من قيمة، ويدركون تماماً أنّه ما من منفعة ـــــ مهما كانت ـــــ تبرّر منع فيروز من الغناء. أخيراً يختم يوسف حديثه برسالة يود أن يوصلها إلى كل من يعرف الإصغاء فيقول: «ليس بإمكان أحد أن يمنع شمس الصباح العربية من الشروق: ومن يحاول ذلك، فإنّه يسيء أوّلاً إلى ذاته».