ومن الحب ما قتل» هي المحطة الأخيرة من برنامج المهرجان العريق هذا العام.المسرحية الغنائية التي تنطلق اليوم تتناول صراع الشرق والغرب من خلال الموسيقى
باسم الحكيم
ملحم بركات وغسان الرحباني يختتمان «مهرجانات بعلبك الدوليّة». هذا المساء، تفتتح عروض المسرحيّة الغنائيّة «ومن الحب ما قتل» فكرة وتأليف وتلحين وبطولة ملحم بركات وغسان الرحباني، وسيناريو وإخراج غسان الرحباني. وتشارك فيها رانيا الحاج في ثاني تجاربها مع غسان بعد «كما على الأرض»، والممثل الكوميدي بيار شمعون، والممثل علي الخليل، ووعد ملحم بركات، وعماد شاكر، وأكثر من 100 شخص بين ممثل وراقص وراقصة، يطلّون في لوحات راقصة بين الفصلين الأوّل والثاني.
تصوّر المسرحيّة الغزو الغربي لثقافتنا، وحياتنا، ويومياتنا وموسيقانا. وتروي حكاية الصراع بين الموسيقى الشرقيّة والموسيقى الغربيّة. صراع بين فكرين مختلفين هنا ملحم وغسان، الأول يصرّ على الحفاظ على التراث والدلعونا والعادات والتقاليد التي نشأ عليها الأجداد، فيما الثاني يسعى إلى إدخال ثقافة الغرب على موسيقانا وحياتنا وفولكلورنا. ويطلّ بيار شمعون في شخصيّة المحامي «زيبق بعد الضهر» الملقّب بـ «الفينيقي» الذي يسعى إلى الإيقاع بين الطرفين من أجل مصالحه، ويظهر علي الخليل بدور الخواجة، ويمثل وعد ملحم بركات «العبثيّة المطلقة» على حد تعبير غسّان، فهو «جيلبير» الذي يخطّط لظهوره منذ لحظة انطلاق المسرحيّة، ولا يطلّ إلّا في الدقائق الأخيرة منها.
إذاً، أبو مجد هو هنا «الغيّور» على التراث والأصالة والمدافع الشرس عن الموسيقى العربيّة، ولو أدى ذلك إلى اعتقاله. بينما يصرّ غسّان على إدخال التطوّر والتكنو والجاز و«ما لذّ وطاب» من الأنغام الغربيّة على الموسيقى الشرقيّة بهدف عصرنتها وتطويرها. وتقف رانيا الحاج في الوسط، تحلم بأن تغني الشرقي والغربي، وتلعب على «الحبلين» أحياناً من أجل تحقيق طموحاتها الفنيّة.
قبل ذلك، سيدخل الفينيقي في لعبة دعم الطرفين كل منهما على حدة، ويتفق مع ملحم على دعم الفرق العربيّة «لقضيته»، بينما يؤكّد لغسّان أنّ فرقاً أخرى تدعم الموسيقى الغربيّة سيدعوها إلى التجمّع في يوم حاشد. تختلط الأمور، حين يتصل مساعد الفينيقي الذي يُعرف بـ «الصندوق العتيق» ويلقّب بـ «الشروال»، ويحدّد يوماً واحداً تصل فيه الفرق كلها. وفي المشهد التالي، تبدأ الفرق بالتوافد إلى خشبة المسرح. هذه «فرقة ما بين النهرين» الفولكلورية تقدّم لوحةً قصيرة، وتلك فرقة فولكلوريّة أردنيّة، وثالثة اسمها «الاتحاد الحلبي لتطوير الفولكلور». ثم يحين موعد دخول الوفود الداعمة للموسيقى الغربيّة.
مسألة الغزو الثقافي الغربي للثقافة العربيّة، تناولتها أعمال مسرحية وسينمائية عديدة في السابق. نذكر على سبيل المثال لا الحصر، فيلم «بوسطة» للمخرج فيليب عرقتنجي، حين أرادت فرقة من الشباب والصبايا إدخال روح معاصرة على الدبكة والدلعونا، فلم يُستقبَلوا بالترحيب في مختلف المناطق اللبنانيّة التي زاروها. وتلك هي حال المسرحيّة التي لا تدّعي أنّها ستمثّل فتحاً في عالم المسرح الغنائي، لكنها تظل فرصة لعشّاق ملحم بركات على الأقل لمشاهدته في حفلة تحمل في طياتها بعض المشاهد الدراميّة، وإن كانت هذه المشاهد غير متماسكة وممسوكة. غير أنّ هذا الأمر لن يمنع الجمهور من التفاعل مع أبطال العمل.

نقد غير مباشر لبيع أراضٍ للخليجيّين في المناطق اللبنانيّة

حتى إنّ بعض المشاهد، توحي بأننا أمام مسرحيّة للأطفال، وخصوصاً حين تقف النوتات الموسيقيّة الشرقيّة والغربيّة، مهدّدةً ملحم وغسّان بأنّها لن تسمح للأول بتبني الموسيقى الغربيّة، ولا للثاني بأن يغني الشرقي. لكن في هذا المشهد «المضحك»، ستدخل الفرقة مضفيةً عليه أجواءً راقصة من دون آلات موسيقيّة. هكذا، نرى ملحم يرتدي البدلة الغربيّة، وغسان بـ«العباية» الشرقيّة.
بعد ذلك، يدرك البطلان متأخّرَين خطورة التدخل الأجنبي في شؤونهما الداخليّة، ويتفقان على أنها «إذا لحقت وخربت رح تخرب مزبوط». كما تحمل المسرحية «لطشات» بخصوص بيع أراض وشقق سكنية لأجانب وخليجيّين في المناطق اللبنانيّة، في وقت لا يستطيع فيه اللبناني «تقسيط بيت». وهي تتضمن باقة من الأغنيات والحوارات الغنائيّة التي يتناوب على أدائها ملحم («روح يا هوا»، و«عد الأيام اللي راحت» و«مرحبا بيكم»)، ورانيا (يا هالحلم اللي بتوعدني) وغسان بأكثر من أغنية منها «كل ما تطلع لبعيد».
مسرحيّة «ومن الحب ما قتل» فرصة للاستمتاع بالأغنيات الجميلة التي يغنيها ملحم بركات صاحب الشعبيّة الكبيرة، وغسان الرحباني، الذي يعرف كيف يقدّم مزيجاً بين الشرقي والغربي، وبطلته الموهوبة رانيا الحاج، لكن كم يصعب انتظار عمل فنيّ عميق ومتكامل.

بدءاً من هذا المساء حتى يوم السبت ـــــ بعلبك ـــــ للاستعلام: 01/999666


عن ضيفين عزيزين