حكاية «ميرال» التي يطغى عليها «البعد الإنساني» والمآسي، شدت انتباه الجمهور الأجنبي في الصفوف الأولى لصالة العرض، فصفّق بحرارة. أمّا في الصفوف الجانبية والخلفية، فسادت الدهشة الجمهور الفلسطيني (على قلته في مناسبات كهذه). كثيرون عبّروا عن رفضهم لطريقة تناول الفيلم للتاريخ الفلسطيني من خلال مغادرة صالة العرض احتجاجاً. شعر كثيرون بالخزي حين شاهدوا على شاشة العرض أن إسرائيل واحدة من الدول التي اشتركت في إنتاج الفيلم إلى جانب فرنسا وإيطاليا والهند.
في مثال آخر على نظرته الاستشراقية، يصوّر شنابل رفاق السلاح يقضون على حُلم ميرال من خلال تصفية حبيبها بسبب «موقفه الإيجابي» من اتفاقية أوسلو. ويصرّ الفيلم على تقديم شبان الانتفاضة الأولى، المعارضين لأية تسوية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، كأنّهم عصابة أو مافيا. للأسف، لم يسمع السينمائي الأميركي بأنّ اتفاقية أوسلو مثّلت هزيمة كبرى لأهالي الأرض المحتلّة.
تصوير شبان الانتفاضة الأولى كأنّهم عصابة أو مافيا
ومن الناحية الفنية، ليس من الصعب إدراك مدى التفاوت في الأداء بين المُمثلين، وعجز المُمثلة الهندية فريدا بينتو عن تجسيد دور ميرال، فضلاً عن اختيار اللغة الإنكليزيّة الذي لم يكن موفقاً في معظم الأحيان.
بفيلمه الذي ما زال يحلم بالسلام بحسب وصفة أوسلو، سيجوب شنابل مهرجانات العالم، مروجاً لنظرته الساذجة في أفضل الحالات... وقد يُرشَّح لجوائز عدّة. وسيقدّم كمثال يُحتذى في تمجيد التعايش السلمي وأوهامه. باختصار، إنّ قصّة فلسطين في «ميرال»، تتلاءم مع الرواية الاستعمارية أكثر بكثير من تلاؤمها مع الرواية الفلسطينية الوطنية.
* مسرحي وناشط ثقافي من القدس