رنا حايك«إنت بتجيلك أحلام؟» يسأل المراهق صديقه، فيجيب الأخير بأن صديقهما المشترك حلم بوالدته! تلك هي الصدمة الأولى التي يواجهها جمهور مسرحية «صحوة ربيع» المقتبسة عن نصّ بالعنوان نفسه (1891) للألماني فرانك فيديكيند.
ظلّ إنجاز المسرحية التي مُنعت في أوروبا القرن التاسع عشر، هاجساً يراود المخرجة المصرية ليلى سليمان (1981). اليوم، بعد رصيد بلغ ثلاث مسرحيات أولاها «العراق محاصراً» (2004)، وورشات عمل عقدتها مع مراهقين من مختلف مناطق مصر، خرج النص «ممصرناً»، مطوّعاً على مقاس تطورات القرن الحادي والعشرين. في المسرحية التي يقدمها مسرح «دوار الشمس» في بيروت، يبرز النص الذي يخاطب مراهقين يكتشفون رغباتهم الأولى، دور الميديا والإنترنت في المعرفة الجنسية. مقاربة تخدم رؤية المخرجة للعمل المسرحي «وسيطاً يجمع بين علم الاجتماع والسياسة واللسانيات والتطور التكنولوجي، وتأثير المظاهر الاجتماعية لتلك العلوم في الفرد». من هنا، يضمّ العرض موادّ توثيقية من فيديو ومقابلات مصوّرة ومراجع رسمية (دراماتورج وفيديو جوليا شولز)، وُظّفَت لخدمة «أرشفة غير رسمية للواقع». بهذا المعنى «هي أدوات سياسية بالمعنى الواسع للكلمة» وفقاً لسليمان.
وبما أنّ الأسئلة الجنسية تُطرح مواربة وتلميحاً في مجتمعاتنا العربية، استعانت المخرجة بالكوريغرافيا ولم تتحرّر باللغة التي استخدمتها بل بالموضوع الذي تناولته: هكذا، تتعرّض مراهقة منهجياً للعنف في منزلها، ويغتصب المراهق صديقته «بصرياً»، قبل أن تقتلها «أم محمد الداية» وهي تحاول إجهاضها. أما المراهق المجتهد في صفه، فيستمرّ طوال المسرحية بتلاوة فقرات من فصل التناسل في كتاب الأحياء. من دون أن ننسى مشهداً حيث يصطف مراهقون ممعنين في ممارسة جماعية صاخبة للعادة السرية. مصادفات أنقذت المسرحية من الرقيب المصري، لكن لم تسعفها من الرقيب الديني. إذ تراجعت جمعية الجيزويت في منطقة المنيا عن عرضها لـ«جرأتها»! «يُظهر ذلك خوفنا من الجنس الذي يصبح عيباً إذا انتُزع من سياقه ولو كان السياق رسمياً» تقول المخرجة التي تهدف إلى تحقيق تماهي المراهقين مع نصها، ودعوة الراشدين إلى إعادة النظر في أمور التربية الجنسية والمحرّمات.

8:30 الليلة وغداً ـــــ «دوار الشمس» (بيروت). للاستعلام :01/381290