الميناء | «تعال واقرأ قصيدتك المفضلة أو استمع إلى الشعر يلقى بلغات مختلفة، تعال وتمتّع بالشعر». هذا الإعلان البسيط المعلّق في بعض أزقّة مدينة الميناء، يجذب العشرات إلى حديقة حانة كافا مينو ليتذوّقوا الشعر مرّة في الشهر. مجموعة متنوّعة بينها شعراء وهواة وأساتذة جامعيون وطلاب يلتقون في «مقدار من العظمة»، الاسم الذي اختاروه للملتقى، تيّمناً بقصيدة للشاعر الفلسطيني طه محمد علي. يجتمعون ويتبادلون كلمات وصوراً تنقلهم على مدى ساعتين أو أكثر إلى فضاءات من اختيارهم. الأمسية الأخيرة لهذا الشهر بدأت بقصيدة ألقاها غابي سرور، كتبها في الثمانينات «أيّام الحركة الوطنية». بعدها وقعت القرعة على سامر دبليز، الذي قرأ قصيدة كتبها بوحي من زيارة شاكيرا إلى لبنان، ردّد فيها عبارة «هزّي بخصرك يا شاكيرا البلد صاير عالحصيرة». يُسحب بعد ذلك اسم نتالي، تلميذة أتت مع والدتها لتقرأ قصائد كتبتها باللغة الإنكليزية. يستعيد غسّان البكري قصيدة سياسية لنزار قبّاني يهجو فيها القادة العرب، يردّ سامر أنّوس على البكري بأبيات كتبها شاعر ميناوي منتقدًا شعر قبّاني السياسي. تقف نور عرابي بخجل فيشجّعها أصدقاؤها. يأتي دور محمود العراقي ليلقي قصيدة للشاعر العراقي أحمد مطر بعنوان «السلطان الرجيم»، فيهمس أحدهم «الحكّام العرب نجوم اللقاء هذا المساء»، ويتأكّد ذلك حين يلقي المخرج المسرحي والناقد جان رطل قصيدة «بورتريه حاكم عربي» لعبد الغني طليس. ويتزامن إلقاء الشاعر الفلسطيني ياسر حجازي لقصيدته مع صوت الأذان فيتناغم صوته الجميل مع نغمات الصلاة. وبين الحين والآخر، يعلو صوت محمّد الشعّار مطربًا الحضور بأغانٍ للشيخ إمام.
يواظب الجميع على الحضور منذ ثلاث سنوات. فاللقاء الذي بدأ اجتماعًا بسيطًا في بيوت البعض، ما لبث أن انتقل الى الحيّز العام. ومن وقت لآخر، يأتي البعض بأصدقائهم الشعراء ليحلّوا ضيوفاً على الأمسية. وحين تكون اللغة أجنبية عصيّة على الفهم، يتطوّع البعض للترجمة الفورية. يشدّد الأستاذ في جامعة البلمند سامر أنّوس على عفوية هذا الملتقى، الذي لا «يديره» أحد، بل يُترك لنبض المجموعة الحاضرة أن يسيّره، فكما الشعر حرّ، لا بدّ لملتقاه أن يكون عبثيًا.