بعد انقطاع خمس سنوات عن «الحياة»، تعود الطاحونة الأثرية في المرداشية ـــــ زغرتا إلى العمل. لكن العمل هذه المرّة يختلف، فهي لن تعود طاحونةً ولا حتى منتدىً ثقافياً كما كانت في السنوات الماضية، بل إنّ أحد سكان المنطقة جوزف زخيا يعمل على تأهيلها لتحويلها إلى «استراحة» تستقبل الرواد والمصطافين الصيف المقبل «إذا انتهى العمل عليها». لم تكن هذه العودة لتكون، لو لم يتفاهم زخيا مع المالك، وهو دير مار سركيس وباخوس، التابع للرهبنة الأنطونية. المار بالقرب من الطاحونة اليوم لن يجدها كما كانت في السابق. حلّت الحركة مكان السكون، حيث يجهد عمال البناء في إنهاء حائط الدعم الصخري الملاصق لها ورصف بلاط الباحة الخارجية وواجهة المدخل المؤدي إليها، فيما تعمل فرقة من العمال على تنظيف الحجارة الأثرية من الأعشاب البرية التي نبتت بفعل الرطوبة والإهمال. بعد كل تلك الأعوام، تعود الطاحونة استراحةً. أما الهدف، فـ«ليس المال، بقدر ما هو تعريف المواطنين بهذا الموقع وتاريخه»، يقول زخيا. ويلفت إلى أنها «ستكمل مسيرتها السابقة بوصفها منتدى ثقافياً كما كانت، وأبوابها ستبقى مفتوحة أمام الأدباء والشعراء والكتاب في المنطقة». ثمّة هدف آخر من هذه التحولات، وفي هذا الإطار، يقول رئيس دير مار سركيس وباخوس الأب نادر نادر إنّ «تحويل الطاحونة إلى استراحة قد يكون الطريقة المثلى للحفاظ على بنائها الأثري، على أن تكون مفتوحة أمام المواطنين كما كل أقسام الدير». ويتابع نادر «الطاحونة لن تخلو من تراثها القديم، فالمكان إلى جانب الاستراحة، سوف يتحول إلى ما يشبه معرضاً للرسوم الأثرية والصور القديمة للطاحونة، التي يعود تاريخها إلى ما قبل عام 1890، وبهذه الطريقة يتعرف الزائر إلى تاريخ الطاحونة وما كانت عليه قبل ترميمها، كذلك يستطيع رؤية أحجار الرحى التي لا تزال موجودة في داخلها، بالإضافة إلى اللوازم التي تتطلبها عملية طحن البرغل». ويسترجع محسن يمين السنوات التي كان فيها مديراً لـ«الطاحونة ـــــ المركز الثقافي».
يتذكر «النشاط الذي دبّ في مركز ضفاف في الطاحونة تشرين الأول من عام 2004، الذي اجتذب الرواد إليه، على الرغم من برد الشتاء القارس، وكثرت الندوات وتواقيع الكتب، وفي أوائل عام 2005 تألّفت هيئة إدارية جديدة في بمبادرة من الأب نادر نادر». غير أن الحركة لم تدم طويلاً «فبعد تأليف اللجنة، توقفت النشاطات الثقافية ومعها توقف حجر رحى الثقافة عن الدوران في الطاحونة، وعادت إلى عزلتها»، يتابع يمين.