كما كان متوقعاً، خلص الاجتماع الذي عقد أمس بين لجنة المتابعة للاعتداء القائم على بركة جنوى في مخيم الرشيدية والسفير الفلسطيني أشرف دبور إلى الاتفاق على دفع مبلغ قيمته 35 ألف دولار للشخصين اللذين شيّدا مبنيين قرب البركة، مقابل موافقتهما على إزالتهما. وكشفت مصادر متابعة لـ«الاخبار» أن دبور أبدى استعداده للمساهمة في تأمين المبلغ بعد أخذ الموافقة من رئاسة مجلس الوزراء الفلسطينية في رام الله، فيما كانت وكالة «الأونروا»، وعدد من الجهات الفلسطينية قد تكفلت بالمساهمة أيضاً. وشمل الاتفاق أيضاً ضمان اللجان الشعبية في مخيم الرشيدية منع أي شخص آخر من البناء في محيط البركة، التي سوف تُسيّج وتحرسها على نحو دائم إدارة محمية شاطئ صور الطبيعية، إضافةً إلى تحويل خط مجرور يمرّ بالقرب من البركة في إطار مشروع تحسين البنى التحتية الذي تنفذّه «الأونروا» في المخيمات، وإبعاد مولّدات كهرباء خاصة عنها.
وفي اتصال مع «الأخبار» أوضح رئيس اللجنة أحمد يونس أن أجواء من التفاهم سادت الاجتماع، الذي ناقش الأضرار الناجمة عن المبنيين، وتأثيرهما على مياه الشفة التي تؤمنها البركة لمدينة صور وللمخيم. كذلك أشار المجتمعون إلى بطء الإجراءات القضائية لفرض إزالتهما ومحاكمة من شيّدهما، ومنع آخرين من الحذو حذوهما.
وتعود مشكلة البناء قرب بركة جنوى الأثرية في مخيم الرشيدية إلى ما يقارب العام، إذ أقدم المدعو (هـ. ع.) على جرف الزاوية الشمالية الداعمة للبركة وإزالتها، كما نقل الكثير من البلوكات من الحجارة الصخرية الرومانية، وباعها إلى أحد معامل الحجارة داخل المخيم، إضافة إلى بناء مسكن خاص له يبعد عن جدار البركة حوالى متر ونصف متر. وقد استحصل المذكور على رُخصة من مؤسسة مياه لبنان الجنوبي (دائرة مياه صور)، تفيد بأن بناء البيت لا أضرار له، سواء على نبع المياه أو على البركة الرئيسية.
شرعية البناء وعدم تأثيره على البركة يصفهما مدير المحمية الطبيعية المهندس حسن حمزة بالخرق البيئي الواضح. ويشرح لـ«لأخبار» الأضرار الكبيرة من جراء هذه المخالفة. يقول إن «سحب الحجارة الرومانية، التي تمثل الداعم الرئيسي والطبيعي للبركة، سوف يؤدي إلى انهيارها إذا ما ارتفع منسوب المياه، كما أن بُعد البناء حوالى متر ونصف متر عن البركة يمثل ضرراً بيئياً وصحياً عليها، إضافة إلى الضرر الناتج عن وجود مجموعة الضخ الملاصقة للبركة، التي تسهم في تسريب المازوت واختلاطه بالمياه الصالحة للشرب». ولفت إلى أن هذا التعدي «مثل سابقة خطيرة فتحت المجال أمام أحد الأشخاص ليشيّد بناءً على بُعد 15 متراً من البناء الأول». أما عن سبب عدم ملاحقة التعدّي منذ بدايته، فيؤكد حمزة: «أبلغنا الجهات الرسمية وبلدية صور، التي تقدمت بشكوى لدى القضاء ليجري توقيف المخالف عدة مرات، لكنه كان يعاود البناء تدريجياً، إلى أن وصل إلى مرحلة متقدّمة، متذرّعاً بالورقة التي حصل عليها من مصلحة مياه الجنوبي، التي لا تملك بالأساس صلاحية إصدار هذه الورقة».
بلدية صور من جهتها استنفرت طاقاتها، فدعا رئيس البلدية حسن دبوق المجتمع الأهلي بمؤسساته وجمعياته إلى المشاركة في المسوؤلية في 20 تشرين الثاني الفائت. واتفق المجتمعون على تأليف لجنة متابعة، وكلّف المهندس حسن حمزة إعداد الملف الكامل عن المخالفات الحاصلة على البركة، كذلك قرّرت اللجنة زيارة مصلحة مياه لبنان الجنوبي للاستفسار عن الورقة التي قدّمها المخالف، إضافة إلى لقاء مسؤول «الأونروا» في صور المهندس فوزي كساب، والاتصال بقيادتي حركة أمل وحزب الله.
أمين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في مخيم الرشيدية جمال كامل سليمان أكد لـ«الأخبار» قيام اللجنة الشعبية في المخيم، وكذلك قيادة المنطقة، بايقاف المدعو (هـ.ع.) عند مباشرته البناء، ومنعه من التشييد لأن المبنى يقع على أرض تابعة للدولة، «لنفاجَأ لاحقاً بقدوم أحد الأشخاص من البلدية السابقة في اليوم الأول إلى المخيم، والكشف على موقع البناء، إضافة الى مندوب شركة المياه في اليوم الثاني ليسمحوا له بمتابعة العمل شرط بناء حائط باطون قرب البركة، وعدم حفر جورة للصرف الصحي». لاحقاً أوقفت الجهات المعنية المخالف مرتين وأُخلي سبيله مع دفع غرامة مالية في المرة الثانية، لكن من دون توقيع أي مستند يلزمه بإزالة المخالفة. «لو جرى الالتزام بقرار اللجنة الشعبية التي أوقفته في المرة الأولى لما وصلنا إلى هذه المرحلة، وما كنا لندخل في هذه المتاهات» يقول سليمان.