الأحد المقبل، يحال قائمقام بعلبك عمر ياسين إلى التقاعد، بعد أكثر من 15 عاماً على توليه منصب القائمقامية في القضاء. الشغور في هذا المنصب يثير قلق الكثيرين. فالتجارب تفيد بأن مدّة الشغور قد تطول، ولا سيما في ظل عدم انعقاد مجلس الوزراء المستقيل واستفحال الأزمة السياسية التي يعيشها البلد، ما يعني عدم القدرة على تعيين قائمقام أصيل.
التوجه الوحيد حالياً هو لتسمية موظفين من القائمقامية أو المحافظة لتولي المنصب بالإنابة، كما حصل أكثر من مرة في قضاء الهرمل منذ أشهر.
وبكل الأحوال، يبدو أن الشغور أو عدمه لن يغيّر الكثير، وخصوصاً أن القائمقام في ظل المركزية الإدارية ليس سوى «ضابط إيقاع للعمل الإداري ضمن القضاء»، بحسب ما تؤكد مصادر بلدية لـ«الأخبار»، إذ لا يمكن أن يعوّل الكثير على هذا المنصب بما أنه يتماهى مع منصب المحافظ لجهة الصلاحيات.
تجدر الإشارة إلى أن صلاحيات القائمقام تحكمها حدود قانونية «لا يمكن التملص منها»، بحسب المصادر البلدية، فإحدى المواد القانونية التي تشير إلى صلاحياته تلزمه بأن «جميع المراسلات مع الوزارات تكون بواسطة المحافظ ولا يجوز أن يصدر أمر إلى القائمقام إلا من المحافظ أو بواسطته». ويدخل ضمن صلاحيات القائمقام منح رخص حمل سلاح الصيد، ورخص استثمار المقالع في الأراضي الخصوصية وأملاك الدولة واستثمار الغابات المشاعية، ورخص إنشاء محالّ، ورخص البناء في الأمكنة غير الداخلة في النطاق البلدي بعد استطلاع رأي الدوائر الفنية المختصة، بالإضافة إلى تقدمه على جميع موظفي القضاء، باستثناء موظفي وزارتي الدفاع والعدلية، وقدرته على فرض تدابير صحية قانونية لا تصبح نافذة إلا بعد موافقة وزارة الصحة العامة. ولفتت المصادر البلدية إلى إمكانية توسيع صلاحيات القائمقام عبر اعتماد اللامركزية الإدارية، وتحويل جزء من صلاحيات المحافظ إلى القائمقام، «حيث يساهم في إنعاش القضاء».
وقد بدا واضحاً الامتعاض من القائمقام لدى عدد من البلديات ومخاتير القرى التي حلت مجالسها البلدية ويتولون متابعة شؤونها معه، يتحدّث هؤلاء عن ضرر فادح من جرّاء الروتين الإداري المعتمد، فهناك الكثير من الملفات العالقة التي يرون ضرورة لإقرارها سريعاً، «فالقائمقام لا يبتّها إلا بعد أن يرسلها إلى محافظ البقاع، وبعد ذلك تمضي أشهر طويلة من المراسلات»، بحسب تعبير أحد المخاتير.
ليس هذا فحسب، فثمة مجالس بلدية واختيارية انتقدت «ندرة» حضور القائمقام ياسين إلى قضاء الهرمل أثناء توليه منصب قائمقام الهرمل، فالمسؤولون فيها يؤكدون أنه طوال تلك الفترة «لم يحضر إلى المدينة أكثر من عدد أصابع اليد الواحدة، على الرغم من توليه المنصب أشهراً عدّة»، يضيف أحد المخاتير إن القانون يفرض على القائمقام السكن في القضاء الذي يتولى قائمقاميته «لأن الدولة تدفع له مخصصات وتعويضات سكنه»، مشدداً على أن غيابه جاء في الفترة التي «كنا فيها بأمسّ الحاجة إليه، سواء في برنامج إنعاش القرى وما نتج من تأخير لجهة صرف الأموال، أو في مطالبات عديدة لها علاقة بمجلس الإنماء والإعمار. ولكن للأسف لم نكن نجده، ما يضطرنا الى مراجعة المحافظ في زحلة، وكرمال هيك لا بد من الإسراع في تعيين محافظ لبعلبك ـــ الهرمل» يقول المختار.
ما ذكره المختار لجهة الإسراع في تعيين محافظ، يكاد يكون لسان حال معظم أبناء محافظة بعلبك ـــ الهرمل التي تحتفل في شباط المقبل بمرور عشرة أعوام على استحداثها، وفي الوقت نفسه «موتها السريري» بسبب عدم تعيين محافظ لها، سواء أصيلاً أو بالإنابة أو حتى إصدار جميع مراسيمها التطبيقية.
النائب غازي زعيتر رجّح «عدم شغور منصب القائمقام في بعلبك»، وقال إن التوجه يقضي «بتكليف أحد موظفي القائمقامية لشغل المنصب بالإنابة دون الأصالة»، مشدداً على «ضرورة الإسراع بتكليف محافظ لبعلبك ـــ الهرمل لأنه المنصب الأهم والأكثر إلحاحاً للمنطقة وأهلها، وسواء كان ذلك بالأصالة أو الإنابة، المهم أن ينعكس ذلك ارتياحاً لدى أبناء المنطقة ويوفر عليهم الجهد الجسدي والعبء المالي. فمع كل معاملة، يضطرون الى ترك أعمالهم بغية الانتقال الى زحلة مركز محافظة البقاع»، يقول زعيتر.
وعلمت «الأخبار» من مصادر رسمية أن ثمة أسماء من موظفي قائمقامية بعلبك كانت مطروحة لتولي منصب قائمقام بعلبك، لكن محافظ البقاع أنطوان سليمان، بحسب المصادر الرسمية، يبدو أنه «حسم خياره» وبات تكليف أحد موظفي المحافظة (محافظة البقاع) «شبه محسوم» ليشغل منصب قائمقام بعلبك بالإنابة، على أن يستمر طلال قطايا بشغل منصب قائمقام الهرمل بالإنابة أيضاً إلى حين تعيين قائمقامين أصيلين.