حتى الآن، قلّة من المصارف التي أنجزت ما يترتّب عليها في إطار تطبيق التعميم 166. بعضها فتح الطلبات أمام الزبائن وتراكمت لديه الطلبات، فيما عمد، أخيراً، عددٌ منهم إلى فتح باب تقديم الطلبات، وعددٌ آخر ما زال يماطل زبائنه. لكلّ واحد حججه وأساليبه الملتوية، إنّما تبقى كلّها مرتبطةً بالتأخّر غير المبرّر الذي يمارسه مصرف لبنان. فالتعميم الذي كان «يُطبخ» على يدي الحاكم بالإنابة وسيم منصوري ونوابه، بالتنسيق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لم يخرج بشكل مفاجئ، بل تطلّب نقاشاً امتدّ لأشهر، وبالتالي كان أمام مصرف لبنان مهلة كافية للتعامل مع المتطلّبات اللوجستية لتأمين تطبيقه سريعاً. رغم ذلك، وبحسب مصادر مطّلعة، فإنّ مصرف لبنان ليس جاهزاً من الناحية التقنية لأنه يحتاج إلى تحديث السيرفرات (الخوادم)، وهذا أمر يتطلّب إجراء مناقصة عمومية تأخذ وقتاً لتنفيذها. لذا، تقول المصادر إنّ الأمر قد يأخذ وقتاً طويلاً يتجاوز 30 يوماً «وقد لا يُنجز الأمر في هذه المدة بعدما أصبح المودعون، ولا سيّما الصغار، موعودين بالحصول على هذه الدفعة الشهرية البسيطة بسبب حاجتهم الماسة إليها». يتزامن ذلك، مع ما تقوم به المصارف، فهي تستعمل الشروط التي حدّدها التعميم، ولا سيما شرط «تجارة الشيكات» لإبلاغ الزبائن بعدم تأهّلهم للحصول على مبلغ الـ150 دولاراً شهرياً باعتباره مانعاً أساسياً. هناك كثير من أصحاب الحسابات الذين تنطبق عليهم غالبية شروط التعميم 166 لجهة القروض وعمليات صيرفة وسواها، إلّا أنّهم أودعوا في حساباتهم شيكات مصرفية، وصنّفتهم المصارف مباشرة تجّاراً للشيكات. بعض المصارف حدّد معايير واضحة لتصنيف «تاجر شيكات» مرتبطة بالتكرار وحجم الشيكات المودعة أو المسحوبة والهدف منها، ولكنّ عدداً من المصارف يتعامل مع كل دولار واحد مودع في الحساب بواسطة شيك باعتباره يصنّف في خانة «التجارة». هناك مصارف راسلت الأمانة العامة لجمعية المصارف لسؤالها عن معايير «تجارة الشيكات»، ثم وجّهت الأمانة العامة للجمعية السؤال إلى حاكم مصرف لبنان ولم تحصل على جواب بعد.
وكان التعميم 166 قد حدّد شروطاً للحسابات المؤهلة للاستفادة منه والحصول على مبلغ 150 دولاراً شهرياً، وهي:
- أن تكون الوديعة مكّونةً بالعملة الأجنبية بعد 31/10/2019. إذا كانت الوديعة مكوّنة قبل هذا التاريخ، فإن صاحب الحساب لن يستفيد حكماً لأنّه يصنّف في خانة الذين تنطبق عليهم شروط التعميم 158 (400 دولار شهرياً أو 300 دولار شهرياً) بمعزل عن استفادته منه.
- إذا كانت قيمة عمليات «صيرفة» التي نُفّذت في الحساب توازي أو أكبر من 75 ألف دولار، يُصنّف صاحب الحساب غير مؤهّل للاستفادة من التعميم 166.
- إذا سدّد صاحب الحساب قروضاً على أسعار صرف متعدّدة، أي في المدة التي تلت تاريخ 31/10/2019، وبقيمة توازي أو تفوق 300 ألف دولار، يُصنّف غير مؤهّل للاستفادة من التعميم 166.
- إذا حوّل صاحب الحساب وديعته من ليرة إلى دولار بما يوازي أو يفوق 300 ألف دولار، يُصنّف غير مؤهّل للاستفادة من التعميم 166.
جمعية المصارف راسلت مصرف لبنان للاستفسار عن شرط «تجارة الشيكات»


- إذا تبيّن أنّ لدى الزبون «حركة شيكات مصرفية تدلّ على عملية تجارة شيكات بعد تاريخ 31/10/2019»، يُصنّف غير مؤهّل للاستفادة من التعميم 166.
الشروط كلها، باستثناء شرط تجارة الشيكات، واضحة. فما هي المعايير لهذه التجارة وما هي الدلالة عليها؟ إبقاء هذا الشرط مفتوحاً هو بمنزلة طعنة في خاصرة كل مودّع تلقّى شيكات أو سحب شيكات لأسباب لا تتعلّق بالتجارة. فما هو تعريف التجارة في رأي مصرف لبنان والمصارف؟ الإجابة فيها كثير من الاستنسابية والعشوائية المقصودة، التي تشبه تأخّر مصرف لبنان في إعداد قدراته التقنية لمواكبة تطبيق التعميم. تقاذف عملية التعريف لتجارة الشيكات بين المصارف ومصرف لبنان يعني أنه لن يكون هناك تطبيق سريع لهذا التعميم، بل سيكون هناك تطبيق انتقائيّ، فيما سينتظر الآخرون حسم هذه المسائل. يُعتقد على نطاق مصرفيّ واسع، أنّ مصرف لبنان ترك هذا الباب مفتوحاً حتى يظهر أنه مع المودعين ومع المصارف في الوقت نفسه، ولكن الواقع أنه يعمل على شراء الوقت بأسلوب مماثل لما قام به الحاكم السابق رياض سلامة.