أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، فراس الأبيض، اليوم، انتشار مرض اليرقان المعروف بـ«الصفيرة»، في منطقة بعلبك ـــ الهرمل. «الأخبار» تقصّت ميدانياً عن بقع الانتشار، ليتبين أنها في مخيمات النازحين السوريين في عرسال ومشاريع القاع. إلّا أن سرعة انتشار المرض، قد تتسبب بتفشيه في البلدات والقرى المحيطة.
تفشّي المرض في قرى وبلدات البقاع الشمالي ليس مستغرباً، بسبب تلوث مصادر المياه بالصرف الصحي، وريّ المزروعات على امتداد محافظتَي بعلبك الهرمل والبقاع بالمياه الآسنة من مجرى الليطاني ومن محطات تكرير الصرف الصحي المتوقّفة عن العمل.

وكانت «الأخبار» قد كشفت في تقارير عدّة (راجع عددَي «الأخبار» في 21 تشرين الثاني 2022 و11 تشرين الأول 2022) عن نقل الصرف الصحي من الحفر الصحية لمخيمات النازحين في عرسال وتفريغها في حفر ضمن مجرى السيل إلى منطقة في جرود البلدة المُطلة على قرى اللبوة والفاكهة والعين. ولم تقم الجهات المعنية بمعالجة الأمر، الذي تسبب بظهور أمراض داخلية وجلدية بين النازحين. ومنذ شهرين تقريباً، بدأت تظهر ملامح إصابات بمرض اليرقان في مشاريع القاع، لتتوسع معها دائرة الإصابات بشكل مطّرد ومتقطّع وتشمل قرى رأس بعلبك وعرسال والعين والفاكهة وصولاً حتى حدود بلدة البزالية.

الدكتور عبد الباسط سكرية المشرف على عدد من المراكز الصحية في المنطقة، أكّد لـ«الأخبار» أن الإصابات بدأت منذ شهرين وبأعداد قليلة في محلة مشاريع القاع، غالبيتها من السوريين. ثمّ توسّعت الدائرة حتى سائر القرى والبلدات من رأس بعلبك إلى اللبوة والعين وعرسال (مخيمات النازحين السوريين والعراسلة) وسائر قرى البقاع الشمالي. ولفت سكرية الذي يُعاين مرضاه في كل من مستوصَفي الفاكهة وعرسال إلى أن الحالات اليومية الجديدة التي يعاينها تراوح بين ثلاث وست حالات يومياً، مطالباً أهالي المنطقة باعتماد الوقاية وشرب مياه نظيفة غير ملوّثة بالتأكد من مصدرها «حتى لا يصبح الأمر خطراً أمام الانتشار السريع ويستدعي عندها تدخلاً من فرق طبية».

سكرية شدّد على أن سبب الإصابات يعود بشكل رئيسي إلى تلوث مصادر مياه الشرب في بلدات البقاع الشمالي وحتى الخضر التي من المؤكد أن ثمة تلوثاً طاول الأماكن المزروعة فيها، مناشداً الوزارات المعنية بلجم مصادر التلوث.
و«الصفيرة» بحسب سكرية، هي «جرثومة تصيب الجهاز الهضمي والكبد، وهي من الأمراض المعدية، والذي ينتقل باللمس والأكل وباستعمال الأدوات نفسها التي يستعملها المصاب، والتوزع الجغرافي الواسع للمصابين يؤكد أن المياه الملوّثة هي وراء التفشّي السريع ولا بد من خطة طوارئ سريعة».

وتجدر الإشارة إلى أن عرسال لا تزال تحتضن 164 مخيماً، يراوح عدد الخيم فيها بين 5 و205، وهي تضمّ اليوم أكثر من 90 ألف نازح سوري يسكنون في 9000 خيمة و3500 بيت مستأجر، لكلّ منها خزّان مياه نظيفة وخزّان للصرف الصحي.

ومنذ أكثر من عامين، تقوم شاحانات من البلدة، تعاقدت معها إحدى مؤسسات الأمم المتحدة لشؤون النازحين السوريين، بإفراغ آلاف الأمتار المكعبة من مياه الصرف الصحي يومياً في مجال الأحواض المائية التي تغذي الينابيع في الفاكهة ورأس بعلبك واللبوة، لتُهدّد أكثر من 20 ألف مواطن بأمراض الكوليرا و«الصفيرة».