«ستندمون إن تجرّأتم»، «صدّروا موادكم المشعّة البلد ينخره الفساد»، و«لن يمرّ مهما كلّف الأمر»، لافتات رفعها أهالي بلدة نحلة اليوم في ساحتها رفضاً لمشروع طمر المواد الملوّثة إشعاعياً. الاعتصام الذي تداعى إليه على مدى الأيام القليلة الماضية أبناء البلدة المترامية بين سفوح سلسلة جبال لبنان الشرقية تُوّج بإعلان عضو كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب حسين الحاج حسن، وقف العمل بهذا المشروع، قائلاً خلال مشاركته في الاعتصام: «انطلاقاً من كوني أدرّس هذه المادة في الجامعة فإني أعلم مخاطرها، لذلك قمت وبشكل مباشر بالاتصال بالمعنيين ليس كنائب أو سياسي، بل كأكاديمي لأقول إنّ هذه النفايات مرفوضة في نحلة وغير نحلة وكل الهرمل ولبنان لأنّها تؤثر على النباتات والمياه»، مطمئناً إلى أنّ «هذه الفكرة انتهت وبشكل نهائي ولا داعي للقلق من هذا المشروع الذي ولّى إلى غير رجعة».
من جهته، أكد رئيس بلدية نحلة السابق، علي يزبك، أنّ الدولة «لا تتذكّرنا إلا عندما تريد أن تلقي قمامات الآخرين والملوّثات على أنواعها في جوف جبالنا»، وقال: «بينما ننتظر لفتة إنمائية تعطينا بعضاً من حقنا في الإنماء المتوازن وفي بناء المؤسسات المنتجة وفي العيش الكريم نراها اليوم تأتينا خلسة وفي جنح الظلام مخصّصة عدداً من العقارات لإقامة مطمر لمواد ملوّثة إشعاعياً». وشدّد على أنّ «هذا المشروع لن يمر وأرضنا لن تكون إلا حضناً لشجر اللزاب والزعرور والإجاص البري فهذه الأرض التي روتها دماء الشهداء الذين حموا الحدود من الإرهاب التكفيري لا تكافئ بإقامة مطمر أقل ما يقال فيه إنّه وباء جديد».

أما المفتي الشيخ بكر الرفاعي، فأشار إلى أنّ «بلدة نحلة تشكّل المتنفس البيئي للمنطقة، ولولا جرودها وسهلها لفقدنا التوازن البيئي في مشروع تسلّل خفية في ليل من دون أن ندري به»، مؤكداً أنّ «المشروع لا يمكن أن يمرّ طالما وقفنا معاً صفاً واحداً سنتحوّل إلى سدّ يمنع ما يحصل».

وأكد أبناء بلدة نحلة والقرى المجاورة أنّهم سيبقون على أهبّة الاستعداد لأيّ خطوة قد تُتخذ مجدداً بشأن هذا المشروع.



وكانت «الأخبار» قد كشفت عن المشروع في مقال بعنوان («مقبرة» في السلسلة الشرقية لـ«الخردة») أشارت فيه إلى حصولها على وثيقة صادرة عن قيادة الجيش، تُظهر نية الحكومة اللبنانية، وعبر وزارة المالية، إقامة «مخزن للّقى الملوثة إشعاعياً» في جرود بلدة نحلة البقاعيّة، لـ«تنفيذ التزامات لبنان تجاه الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمواد الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية «CBRN».

الوثيقة المؤرّخة في 4 نيسان من هذا العام (تحمل الرقم 6250 /ت.ج تصنيف 221/1)، تتضمّن مراسلة من قيادة الجيش إلى وزارة الدفاع الوطني، تستند بدايةً إلى مقررات مجلس الدفاع الأعلى بتاريخ 26 كانون الثاني 2021، الذي كلّف وزارة المالية إيجاد العقار المناسب في سلسلة جبال لبنان الشرقية من قبل المديرية العامة للشؤون العقارية بالتنسيق مع وزارة الدفاع الوطني، وتأمين الاعتمادات اللازمة لإنشاء المخزن، أو العمل على تأمين تمويل خارجي أو هبات.