يسود التوتُّرُ والقلق مختلف المناطق اللبنانية مع تردّي مقوّمات الحياة وتراجع الأمان في ظل زيادة معدّلات الفقر وارتفاع نسب السرقات، كما تظهر بوضوح أرقام قوى الأمن الداخلي. هذا الواقع انعكس على طريق الفياضية - الحازمية، على الرغم من أنّها طريق الرئاسة الأساسيّ ويفترض أنها ممسوكة أمنياً، حيث توجد بالقرب منها مقارّ عسكرية وأمنية، والأخطر أسلوب السرقة اللافت: انتحال السارقين صفتَي «أمن دولة» و«مخابرات»!
يروي أحد المتعرّضين لعملية سرقة لـ«الأخبار»: «كنت واقفاً أوّل من أمس على الطريق إلى جانب «Hawa Chicken»، فاقترب شخص من سيارتي مُدّعياً أنني مراقب منذ مدّة للاشتباه بتزويري الدولارات وأنه من مخابرات الجيش. أخبرته أنني لا أعمل بهذا المجال وكرّر أنه يلاحقني منذ فترة، بالتوازي كان يتواصل مع شخص خلفه على دراجة نارية فضية وكان الآخر يكرّر أنني لست المقصود وأن ملامح "الآدمية" تظهر عليّ» ويؤكّد أنه «لم يرتَب من سلوكه لأن المنطقة أمنية وفيها كاميرات». يكمل: «سألني ماذا أملك دولارات، كان معي مبلغ ألف دولار وفي يدي هاتفي، سحبهم مني وفرّ بالاتجاه المعاكس للسير». وحين توجّه الرجل إلى مخفر سرايا بعبدا ليشتكي، أخبروه أن الحادثة تكرّرت أكثر من مرّة. وهذا ما أكّده مصدر أمنيّ لـ«الأخبار»، كاشفاً أنّ هناك 8 شكاوى تتعلّق بأشخاص سُرقوا في هذه المنطقة. كما كشف الرجل الذي تعرّض للسرقة أنّ سيدة أيضاً كانت قريبة منه سرقت حقيبتها وفيها مليون ليرة وخمسون دولاراً من قبل الأشخاص أنفسهم.

في السياق نفسه، علمت «الأخبار» أنّ شاب دليفري اتصل به زبون في المنطقة عينها الساعة 10:30 ليلاً، منذ أسابيع، وبعدما وصل إلى المكان المنشود، بالقرب من حاجز الجيش في الحازمية، تبيّن أن هناك دراجة نارية (بنفس مواصفات الدراجة في الرواية الأولى) بانتظاره عليها شابان. يروي الشاب أنّ أحدهما اقترب منه وطلب هاتفه وما يملك من نقود وانهال عليه بالضرب، ثُم شهر سلاحه بوجهه فسلّمه الهاتف و500 ألف ليرة، وحين حاول سرقة دراجته كانت قد وصلت سيارة البلدية ففرّ السارقان. يروي الشاب أيضاً أنّ شرطة البلدية حاولت القبض عليهما لكنها لم تتمكّن من ذلك. ويتابع: «الجيش لم يكن بعيداً مني، أخذوني إلى مكتبهم، ثم اتصلوا بالزبون الذي بقي رقمه على الطلب فقال إنه لم يعد يريد الطلبية، فشكّ الجيش بالزبون الذي أطفأ هاتفه منذ ذلك الحين». اقترح عليه الجيش أن يشتكي للنيابة العامة، لكنه رفض بحجّة أنه تعرّض سابقاً للسرقة ولاحق الموضوع ولم تُحل المشكلة.

لم تقف السرقات هنا، فقد علمت «الأخبار» أنه «منذ ثلاثة أسابيع، كان سائق شاحنة تابعة لشركة يمر على هذه الطريق فأوقفته سيارة «CRV» فيها شخصان على أن من فيها أمن دولة، أخذوا حقيبته واتهموه بأن نقوده مزوّرة، وسرقوا منه 4 ملايين ليرة لبنانية وفرّوا». يقول صاحب الشركة: «نعرف شخصاً في وزارة الدفاع، لاحق موضوع السرقة، لكنّنا لم نعرف شيئاً حتى اللحظة عن مصير السارقين».

وفي تعنايل أيضاً، علمت «الأخبار» أنّ صرّافاً تعرّض للسرقة على طريق عام تعنايل، بعدما انتحل السارقون أنّهم أمن دولة يلاحقون تزوير العملة الصعبة، وسرقوا منه مبلغ 100 ألف دولار.

وفي مؤشر على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمنع ردات الفعل و«الأمن الذاتي»، عمد أحد أبناء رجل من بين الحالات الثلاث التي ذُكرت آنفاً، الى حمل السلاح والتوجّه إلى المكان الذي سُرق منه والده منتظراً السارقين ليجهز عليهم.