منتصف ليل الثلاثاء ــــ الأربعاء، شعر سكّان طرابلس المقيمون بمحاذاة ساحة عبد الحميد كرامي (ساحة النّور) بتحرّكات مكثفة لعناصر الجيش اللبناني وآلياته، قبل أن يتبين قيام هؤلاء بإعادة فتح الساحة ورفع الخيم والدشم الباطونية منها، بعد سدّ منافذها الستّة، ومنع المواطنين من الاقتراب منها.السّاحة التي أغلقها المحتجّون بعد اندلاع شرارة الاحتجاجات في 17 تشرين الأول الماضي، بقيت الوحيدة المغلقة في لبنان بعدما أعيد فتح كل السّاحات والطرقات، رغم الشكاوى العديدة من تحول الساحة التي وُصفت بـ«عروس» الثورة، إلى ساحة للبسطات والباعة الذين نصب بعضهم خيماً عشوائية، تحوّلت مع مرور الأيام إلى مقاهٍ تشهد تجمّعات ليلية لبعض الشباب، وسجّلت القوى الأمنية في بعضها تعاطياً للمخدرات، ما أدى الى ارتفاع أصوات أهالي المدينة وفاعلياتها والتجّار وأصحاب المصالح والمحال في السّاحة ومحيطها مطالبة بـ«إنهاء المظاهر الشاذّة فيها»، فضلاً عن تضرر مصالحهم جراء إغلاق الساحة منذ نحو خمسة أشهر ونصف شهر، إضافة الى ما تشهده الشوارع الداخلية بعدما سدّ المحتجون مداخل الساحة.
نضوج «طبخة» إعادة فتح السّاحة أعقب الإجراءات التي اتخذت في المدينة لمنع تفشّي فيروس كورونا. إذ بدت السّاحة في الأيام الأخيرة شبه خالية من المحتجّين والمواطنين على حدّ سواء، ما فتح الباب أمام دعوات لإنهاء مظاهر الاحتجاج ومنع التجمعات، خشية احتكاك المواطنين في ما بينهم وإصابتهم بالفيروس، ومنها مناشدة 3 أعضاء في بلدية طرابلس (محمد نور الأيوبي وعبد الحميد كريمة وباسل الحاج) قائد الجيش العماد جوزيف عون «إعطاء الأمر للقوى الأمنية لإزالة الحواجز والمخالفات والفوضى الناشئة في المدينة»، لأن إغلاق الساحة «يمزّق مفاصل حركة السير والمرور الرئيسية، ويزيد الوضع في طرابلس تأزّماً ومعاناة».
لكنّ إعادة فتح السّاحة لم يمرّ بلا اتصالات وضغوط مورست على أصحاب البسطات والخيم فيها، وتحذيرهم من أنّ أيّ حركة اعتراض من قبلهم ستواجه بشدّة من القوى الأمنية، فضلاً عن رفع القوى السياسية والأمنية الغطاء عن المحتجّين المقرّبين منهم، بموازاة إعطائهم تعويضات مالية وفق ما أكدت مصادر مطلعة لـ«الأخبار». وعند منتصف ليل أول من أمس، شرع عناصر الجيش الذين أتوا مجهّزين بجرّافات ومقصّات حديد ومناشير ورافعات، بإزالة الخيم والبسطات والسواتر الباطونية، قبل أن تتبعهم ورش بلدية طرابلس بتنظيف السّاحة وشطفها، لتعود حركة السير فيها إلى سابق عهدها، بعد أطول فترة إغلاق شهدتها في تاريخها.