يأمل مزارعو صور ومنطقتها أن لا يخيّب شهر آذار توقعاتهم، وأن يستمرّ هطل الأمطار، ما قد يحلّ الأزمة التي يعانونها منذ أشهر نتيجة ارتفاع الطلب على شراء مياه الآبار وارتفاع أسعارها. الأمطار وحدها باب الفرج في ظلّ غياب أي مخططات بديلة وطارئة لمواجهة متغيّرات المناخ.
الحلّ الذي يعوّل عليه المزارعون قد يتحوّل إلى مشكلة كما يقول أمين سر منطقة الزهراني لنقابة عمال فلسطين، المزارع غسان بقاعي؛ «فأشجار الليمون وغيرها التي أزهرت قبل أوانها تتطلب حماية إضافية من المزارعين ورشّ مبيدات خشية تعرّض موسمها الأوّل للتلف إذا ما تعرّضت للرياح أو لأي عوامل مناخية قاسية». ويلفت إلى أن «موسم الليمون يعاني عدة مشاكل في الأساس منذ سنوات، ما انعكس تدنياً في نسبة الإنتاج بنسبة 20%. أما المزروعات الأخرى مثل القمح، السمسم، العدس، فقد تأثرت شتولها بقلة المياه، فصغر حجم السنبلة يؤثر في نوعية المحصول». وعن الإجراءات المتخذة من قبل النقابة، يؤكد بقاعي أنه «في ظل غياب السياسات الداعمة وعدم الاستقرار، تغيب البوادر الملموسة لتبقى الأعمال محصورة بالإحصاءات والمؤتمرات التي تستعرض المشاكل التي يواجهها القطاع وكيفية الخروج منها».
ريّ الأراضي الزراعية من مياه الأمطار قد لا يكون بديلاً وحلاً كافياً للأزمة، بحسب ما يرى رئيس لجنة الزراعة في بلدية صور المهندس علي دبوق. يوضح: «المناطق الساحلية التي تعتمد الريّ عبر الآبار الإرتوازية، والتي إذا خفّ منسوب المياه فيها، مهددة بدخول مياه البحر إليها وتعريضها للملوحة، ما يعد أمراً خطراً، ليس فقط هذه السنة، بل على الأمد البعيد، بسبب حاجتها إلى عشرات السنين لتعود المياه فيها إلى طبيعتها وتتخلّص من الملوحة، وإذا لم يُتدارَك الأمر فسنقع في مشكلة كبيرة، وخاصة في المنطقة الساحلية». وتمنى دبوق أن «تكون هذه الظاهرة إنذاراً للجهات المعنية للتحولات المناخية القوية التي سنشهدها في المستقبل، ما يدفعها إلى التحرّك ووضع خطة طوارئ للاستفادة من مياه الأمطار». لافتاً إلى أن «أكثر من نصف مياه برك رأس العين تُهدر في البحر، إضافة إلى ضرورة الاستفادة من إنشاء سدود في منطقة الليطاني، وبرك لتجميع المياه والقيام بحملات ترشيد لاستخدام المياه، وأخيراً إعطاء هذه المشاريع أولوية في سياسة الحكومات، ووزير الزراعة السابق حسين الحاج حسن، كان قد هيأ مشروعاً للتأمين ضد الكوارث، لكنه لم يحصل على الموافقة».
وفي هذا الإطار، يوضح عضو تجمع الهيئة الإدارية لمزارعي الجنوب، المهندس سليم مراد لـ«الأخبار»، أن «حالة التصحّر التي نشهدها هي نتيجة تناقص في قدرة الإنتاج البيولوجي للأرض، ما يؤدي إلى تدهور في خصوبتها حتى تصبح مشابهة للأحوال المناخية الصحراوية». ويعيد سبب هذه الحالة إلى «العلاقة بين الطبيعة والإنسان وكيفية استغلاله للموارد. فنوعية هذه العلاقة هي التي تؤدي إلى الافتقار إلى المساحات للحياة النباتية والحيوانية معها إضافة إلى التغيرات المناحية التي تؤثر في الأرض، وهي الطبقة السطحية التي يقوم عليها أساس الزراعة والنباتات».
ويرى مراد أنّ «التدهور البيئي الذي شهدناه يتطلب إجراءات معينة، وخصوصاً أننا لم نصل إلى مستوى 50 في المئة من المتساقطات نسبة إلى السنة الماضية، والتدابير التي نتخذها اليوم تتركّز كلها على حسن الإدارة المحلية لكميات المياه المتوافرة لدينا، سواء سطحية أو جوفية، والعمل مع المزارعين لرفع كفاءة الريّ واستغلال المياه بهدف الاستخدام الأمثل والتوجه نحو الريّ الحديث (تنقيط، رذاذات) واستعمال منظمات الريّ بالتنقيط، وخاصة في الأراضي غير المستوية، والتخفيف من التلف في شبكات الريّ والسقاية بشكل أساسي في الصباح الباكر أو عصراً للتخفيف من التبخر، إضافة إلى ضرورة وضع خطط مستقبلية للتعاون مع المشروع الأخضر في حفر برك خاصة للري وتغطيتها لمنع التبخر خلال الصيف والتخفيف من ملوّثات المياه في مجاري الأنهار للاستفادة منها بنحو نموذجي».
يذكر أن شاطئ صور شهد ظاهرة غريبة أخيراً، إذ عُثر على قناديل البحر بكمية كبيرة على الشاطئ، ما يعكس تأثر البيئة البحرية بالظروف المناخية كما يقول مدير المحمية المهندس حسن حمزة. فخروج القناديل في هذا الوقت من السنة وفي غير موعدها، دليلٌ على خلل في نظام البيئة البحرية. أما من الناحية الزراعية، فالمزروعات داخل المحمية جرى ريّها صناعياً، وهي لم تبلغ مستوى النمو المعتاد، والمزروعات خارجها تدمّرت بنحو شبه كامل لاعتمادها على مياه الأمطار، كما هي حال الحياة البرية من حشرات وطيور، التي تعتمد في تغذيتها على النباتات التي لم يكتمل نموها في المستنقعات داخل المحمية.