مرة جديدة، يتعرض محمود يوسف لاعتداءٍ على أرضه ومسكنه والحيوانات التي يربّيها بهدف الضغط عليه لإخراجه من العقار الذي يشغله. لكن الاعتداء هذه المرة وصل الى حد ارتكاب مجزرة، بكل ما في الكلمة من معنى. إذ استفاقت مدينة الميناء (طرابلس) على مقتل 40 كلباً من تلك التي يهتم يوسف بها بعد تسميمها. من ارتكب المجزرة؟ سؤال تردد كثيراً أمس على ألسنة الناشطين والمتضامنين مع يوسف الذي يؤكد أن الفاعلين «معروفون بالأسماء واحداً واحداً لدى الأجهزة الأمنية، والهدف ليس التخلص من الكلاب، بل التخلص مني ورميي خارجاً». ويوضح أن معاناته تعود إلى بدايات التسعينيات، عندما قرر «تجار البناء وسارقو الأملاك العامة»، التعدي على العقار الرقم 135 الذي يشغله في بساتين الميناء خلف الجامعة العربية، مع العقارين الملاصقين له 220 و221 وضمها إلى مشروع الضم والفرز الذي يُخطط للمنطقة.
تعود ملكية العقار 135 إلى عوني علم الدين، ويشغله يوسف وفق عقد إيجار عمره أكثر من 90 عاماً. أما العقاران الآخران، فهما مشاعات للدولة اللبنانية. وقد استخدم «تجار البناء» الطامحون الى الاستيلاء على العقار كل الطرق المتاحة لإخراج الرجل المُسنّ منه، فتعرض منزله للهدم واعتُدي عليه بالضرب وأُزيلت البيوت الخشبية التي بناها للكلاب، ونُكّل بكلابه مراراً فقتل بعضها رمياً بالرصاص ودهساً بالسيارات. وقد دفع ذلك بناشطين في الدفاع عن الحيوانات، ممن يساعدونه في الاعتناء بالكلاب، الى بناء سياج حديدي في محيط الكارافان الذي يعيش فيه مع كلابه لحمايته من الاعتداءات المتكررة. وكان هؤلاء قد دعوا، عبر فيسبوك، الراغبين في مساعدتهم إلى ملاقاتهم في الأرض صباح أمس، لكنهم فوجئوا فجراً بالمجزرة التي طاولت الكلاب. إذ عمد «مجهولون» إلى نثر قطع من الدجاج المُسمم بمادة «لانيت» في محيط الأرض. وبحسب الطبيب البيطري كريم مستو، الذي تطوع منذ مدة لمعالجة الكلاب وتلقيحها ضد الأمراض وخصيها منعاً لتكاثرها، فإن الـ«لانيت» دواء زراعي يُستخدم لإبعاد الحشرات والبكتيريا عن الأشجار والأعشاب، ويحتاج إلى عشر دقائق للانتشار في جسد الكلب، ويؤدي فوراً إلى ظهور رغوة بيضاء في لعابه بسبب التسمم الحاد الذي يسبّبه. وأوضح «أننا استطعنا إنقاذ 20 كلباً، فيما قضى 40 منها وفقدنا أثر 30 أخرى».
هناك من تقصّد الإيحاء بأن المجزرة استهدفت كلاباً شاردة


ولفتت الناشطة زينب رزوق، التي تساعد يوسف في تربية الكلاب، الى أن «هناك من تقصّد القول في وسائل الإعلام وعلى صفحات مواقع التواصل بأن الكلاب التي قُتلت هي كلاب شاردة بهدف تبرير ما حدث، وهو أمر عارٍ من الصحة لأنها تحظى بالرعاية المطلوبة منا جميعاً».
يوسف سيلجأ مرة أخرى إلى القضاء، لتُضاف هذه الدعوى إلى عشرات الدعاوى التي رفعها سابقاً لتحصيل حقوقه ممن يعتدون عليه، ومن ضمنها دعوى ضد هدم منزله ناهز عمرها 37 عاماً، من دون أن يصدر حكم نهائي فيها حتى الآن (!).
من جهته، أكد رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين لـ«الأخبار» أن «البلدية ستدّعي لدى النيابة العامة ضد مجهول »، مشدداً على أن «على الأجهزة الأمنية كشف هوية المتورطين وملاحقتهم»، نافياً علمه بأي اعتداءات سابقة على يوسف.