في الذكرى الـ43 للحرب الأهلية، أطلقت لجنة أهالي المفقودين والمخطوفين في لبنان، أمس، حملة «لائحة المفقودين في كل لبنان»، لتُذكِّرَ المعنيين المشغولين بالاستحقاق الانتخابي بملف المفقودين «المُخفى»، مُطالبةً بإقرار اقتراح قانون إنشاء الهيئة الوطنية المستقلة للكشف عن مصير المفقودين في أول جلسة يعقدها المجلس النيابي الجديد.المكان لم يكن مُزدحماً. ككلّ عام، حضر بعض أهالي مفقودي الحرب الأهلية إلى حديقة جبران خليل جبران مقابل مبنى الإسكوا، حيث «خيمة انتظار الأهالي»، أو على الأقل، حضر من بقي منهم قادراً على المجيء، ولم يمنعه الموت أو التقدم في العمر من المشاركة في ذكرى 13 نيسان. هناك، أطلقت لجنة أهالي المفقودين والمخطوفين في لبنان حملة «لائحة المفقودين في كل لبنان»، في مؤتمر صحافي عُقد في المكان، حيث سُلِّمَت «العريضة الوطنية للمفقودين».
هذه العريضة أطلقتها اللجنة في العام الماضي، وهي تحمل تواقيع مجموعة «من حقنا نعرف»، التي تضم عدداً كبيراً من اللبنانيين واللبنانيات المطالبين بإقفال ملف المفقودين والمختفين قسراً، وفقاً لحلٍّ علمي ومؤسساتي، يتمثّل بجمع العينات البيولوجية من الأهالي وحفظها، من جهة، وإنشاء هيئة وطنية مستقلة مهمتها الكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسراً، من جهة أُخرى.
بحسب اللجنة، تضمّنت العريضة «تصويتاً شعبياً وآخر من كُتل نيابية»، وقد بلغ عدد الموقعين على العريضة 5187 شخصاً، 1294 منهم وقعوا إلكترونياً، أما الباقون فقد وقعوا على العريضة الورقية. وبحسب أحد المسؤولين عن العريضة، «إن عدداً قليلاً من أهالي المفقودين لم يوقعوا على العريضة باعتبارهم أصحاب القضية، فضلاً عن العديد من التواقيع التي لم يتمكن المسؤولون من احتسابها لتعذّر تسلّمها في الوقت المناسب». إلى ذلك، حملت العريضة تواقيع معظم الأحزاب والتيارات اللبنانية السياسية والنواب والوزراء، فضلاً عن إعلاميين وأدباء وأكاديميين وبعض هيئات المجتمع المدني.
حلواني: لن نعطي صوتاً واحداً لمَن أدار ويدير ظهره لقضيتنا


تقول رئيسة اللجنة، وداد حلواني، إن العريضة حصلت على ما يُشبه «التصويت الشعبي والنيابي» لحلّ قضية المفقودين، بما في ذلك الحلول المقترحة، وعلى رأسها تشكيل لجنة وطنية مُستقلّة، لافتةً إلى أن قانون إنشاء الهيئة الوطنية المستقلة للكشف عن مصير المفقودين أقرّته لجنة حقوق الإنسان ولجنة الإدارة والعدل، «والجميع يعرف أن الكتل النيابية كافة ممثلة في هاتين اللجنتين النيابيتين. من هنا، نحن أمام وثيقة في غاية الأهمية».
وأضافت حلواني: «لن نعطي صوتاً واحداً لمَن أدار ويدير ظهره لقضيتنا، ولن نصوّت كلائحة وكلجنة وكأفراد، إلا للّوائح التي تتبنى في برامجها الانتخابية قضية المفقودين بشكل واضح لا لبس فيه».
تحاول اللجنة استغلال مناسبة الاستحقاق الانتخابي عبر تبنّيها، ضمن سياق الحملة التي أطلقتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر المتعلقة بالكشف عن مصير المفقودين، ترشيح (رمزياً) ستّة مفقودين عن مقعد المفقودين. وضمن هذا السياق نفسه، صُفّت إلى جانب منبر اللجنة عدة لوحات تُبرز أسماء مفقودين ما زالت أسماؤهم واردة في لوائح الشطب للانتخابات النيابية، في دوائر زحلة وبعلبك الهرمل وكسروان جبيل، بالإضافة إلى دائرة البترون ــ الكورة ــ زغرتا ــ بشري.
بحسب حلواني، إن لقاء اللجنة مع رئيس الجمهورية أخيراً نتج منه اتفاق ببندين: الأول هو التنسيق مع رئيس مجلس الوزراء، من أجل اتخاذ التدابير العملية للبدء بجمع العيِّنات البيولوجية اللازمة من أهالي المفقودين والمختفين قسراً، تمهيداً للتعرف إلى هوياتهم «أحياءً كانوا أو أمواتاً»، مباشرة بعد الانتخابات النيابية، بالإضافة إلى التنسيق مع رئيس مجلس النواب بهدف العمل على وضع قانون حقوق ذوي المفقودين خلال أول جلسة تعقد في مجلس النواب، وتحييده عن التجاذبات السياسية في البلاد.
لم تنسَ حلواني ذكر غازي عاد، رئيس هيئة دعم أهالي المعتقلين في السجون السورية، الذي مات بعد نضال طويل في سبيل قضية آمن بها، فكان «الحاضر الغائب» بينهم.
ضمن مشهد تجمّع أهالي المخطوفين، وقفت إحدى الأمهات بعيداً من الناس، وحدها، وقد علقت صورة ابنها وابنتها المفقودين في رقبتها، وقالت: «أم الميت تنام في الليل، لكن أم المفقود تبقى مستيقظة».