لم يكتف اللوبي بعملية «الدسّ»، بل وجّه كتاباً إلى إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يطالب فيه بتأخير تطبيق الدرجات على الرواتب والأجور بحجّة وجود نزاع بين المدارس والمعلمين، وبذريعة وجود تعديلات مقترحة على القانون!
أحيل الكتاب إلى اللجنة الفنية في الصندوق، لكنه، بقدرة قادر، سلك «الخطّ العسكري» إلى هيئة مكتب مجلس الإدارة. هناك انكشف وجود عقول مخرّبة في الصندوق. ففي جلسة الهيئة، اقترح المدير المالي في الصندوق شوقي بو ناصيب (قوات لبنانية) استيفاء اشتراكات الضمان من دون احتساب الدرجات الست، على أن تستوفى الاشتراكات لاحقاً من دون زيادات تأخير، وألا يحول عدم تطبيق الدرجات الست دون إعطاء المؤسسات التربوية براءة ذمّة محصورة. وبحسب محضر هيئة المكتب، سوّق عضو مجلس الإدارة رفيق سلامة (ممثل الدولة ومستشار فؤاد السنيورة) لهذا الاقتراح بالإشارة إلى أن «الحق بالنسبة للدرجات لم يخلق بعد، فإذا لم تسدّدها المدارس الخاصة لا يحقّ للصندوق فرض اشتراكات عليها». أيّده في هذا الأمر أعضاء المجلس إيلي شلهوب (يمثل تجار زحلة)، وجورج علم (يمثل القوات في الاتحاد العمالي)، وفضل الله شريف (يمثل حزب الله وحركة أمل). وأخيراً تبنّى كركي هذا الطرح، ليصدر قرار هيئة المكتب الذي يطلب من «مصلحة الاشتراكات والمكاتب الإقليمية والمحلية كافة عدم استيفاء الاشتراكات عن الدرجات الست الاستثنائية إلا لدى دفعها فعلياً من قبل أصحاب المؤسسات التربوية الخاصة».
لوبي المدارس يوجّه كتاباً إلى إدارة الضمان لتأخير تطبيق الدرجات بحجّة نزاع المدارس والمدرّسين
المشكلة في هذا القرار لا تنحصر بانجرار الصندوق نحو الإقرار بعدم شرعية وقانونية الدرجات الست، وسيطرة المدارس الخاصة على قراره، بل بأنه يفوّت على الضمان إيرادات مستحقة حكماً بموجب المادة 13 من القانون 46، التي رفعت الأجور والرواتب لدى المعلمين في القطاع الخاص، فضلاً عن أنه يمنع مراقبة تطبيق القانون عبر التفتيش. لذا، فإن صدور مثل هذا القرار يهدف إلى تعطيل أداة الرقابة الاساسية، وبالتالي، فإن المدرسة التي تمتنع عن تسديد الاشتراكات لن تحال إلى التفتيش. هذا الأمر يثير سؤالاً أساسياً: من يضمن حصول المعلمين على حقوقهم إذا تخلّى الضمان عن هذه المهمّة؟
وبحسب رأي رئيس اللجنة الفنية سمير عون، فإن «غلاء المعيشة المشار إليه في الجدول 17 من القانون 46 أصبح حقاً مكتسباً لجميع أفراد الهيئة التعليمية»، علماً بأنه «قانون نافذ»، وبالتالي فإن «تمنّع بعض المدارس عن تنفيذ مضمون القانون، أي عدم إعطاء الاساتذة حقوقهم، لا يعفيها من تسديد الاشتراكات المتوجبة بذمتها تجاه الضمان، لا بل يخالف اجتهادات مجلس شورى الدولة التي تساوي في التعامل بين الموظفين التابعين لملاك واحد»، أما ما تقوم به المدارس الخاصة بالامتناع عن احتساب الدرجات في الأجور المصرّح عنها للضمان فهو «لا يشكّل حائلاً دون حق الضمان في استيفاء الاشتراكات على أساس الأجر الفعلي».
نقابة المعلمين: تقسيط الدرجات لن يمر
اقتراح قانون جديد حمله، أمس، وزير التربية مروان حمادة إلى لجنة المال والموازنة لإدراجه ضمن مشروع الموازنة، يقضي بدفع الدرجات الست للمعلمين مقسطة على 3 سنوات اعتباراً من 1/10/2018 وليس من1/10/2017، كما نص مشروعه الأول، على أن تلحظ المدارس المفعول الرجعي في العام الدراسي 2021 ــــ 2022.
تعديل قانون سلسلة الرواتب لم يُقر في لجنة المال، انما رُحّل إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي، فيما مشروع الوزير يأتي وسط اتفاق بين القوى السياسية على رفض تمويل الدولة للدرجات الست، كما يطالب أصحاب المدارس الممثلين باتحاد المؤسسات التربوية الخاصة.
لكن المشروع القديم ــــ الجديد مرفوض من نقابة المعلمين واتحاد المؤسسات على السواء، فرئيس النقابة رودولف عبود جزم لـ«الأخبار» بـ«أننا لن ندع هذا القانون يمر في المجلس النيابي».
أما عضو اتحاد المؤسسات التربوية محمد سماحة (مدارس المصطفى) فرأى أن المشروع الجديد للوزير غير مقبول جملة وتفصيلاً، «ولو سلمنا جدلاً بتقسيط الدرجات فإن اعطاء المفعول الرجعي أمر غير واقعي وغير قابل للتطبيق، إذ كيف سنلحظ الفروقات التي تساوي عملياً 6 درجات في موازنة 2021 ــــ 2022، ومعروف أن موازناتنا مقفلة، أي أن مجموع الإيرادات (الأقساط) يساوي مجموع النفقات».