طاريا ــ رامح حميّة لم يهتمّ مهدي سليم بمدى قوة العاصفة الثلجية الأخيرة، على الرغم من سكنه وعائلته «وطرشاته» (قطيع المعز) في أعالي جرود بلدته طاريا، في السلسلة الغربية. تساقط الثلوج، وتسجيله تراكماً وصل سمكه الى حد المتر ونصف المتر لم يكونا بالأمر المهمّ الذي يشغل باله.

فما دفعه إلى الخروج وفي يده بندقية «مفردية»، ساعياً بجهد كبير عبر الطريق الذي سبق أن شقه بين الثلوج، للوصول الى المغارة الكبيرة التي جعل منها مأوى لعنزاته، هو في الحقيقة شيء واحد فقط «انو اطمن على الطرشات» يقول سليم.
لا يخشى سليم سقوط ألواح «الزنك» في الزريبة المستحدثة على قطيعه، ولا نقص المياه أو الكلأ، بل إنّ مردّ قلقه هو تلك الذئاب التي أغارت قبل «عيانة» العاصفة على المغارة، وقضت على سبع «شيات» كما يؤكّد مهدي، الذي لفت الى أنه تأكّد أنّ العنزات السبع لم تضلّ الطريق، وخاصةً أنه وُجد شعر ماعز على مقربة من المغارة، وفي أماكن أخرى مجاورة.
استعدادات سليم التي اتخذها لدرء اعتداء جديد ذهبت أدراج الرياح، وخاصةً أنّ الذئاب، بحسب تأكيده، عادت وضربت بعدما اشتدت العاصفة كثيراً، «وصارت تتلج شي من السما وشي من الأرض»، كما يقول. لم يعد من مجال للرؤية، وكان عليه أن ينتظر الغد لتظهر الخسائر: فقدان 8 عنزات إضافية.
زينب سليم شقيقة مهدي أوضحت أنّ الحيوانات التي هاجمت مغارة الماعز ليست ذئاباً فقط، بل هي من «الجْريدي»، وهي «هجينة الذئب وحيوان آخر»، مشيرةً إلى أن «مربّي المواشي في عرسال وعسال الورد على الحدود اللبنانية السورية، يسعون كل عام إلى الانتقال من السلسلة الشرقية الى السلسلة الغربية طلباً للماء والكلأ لقطعان ماشيتهم»، ويروون أنهم تمكّنوا قبل العاصفة بأيام من قتل هذه الوحوش، الأمر الذي جعلهم يتأكدون أنّ ثمّة ذئاباً قد تُغير على المواشي.
محاولات دس السم عند مدخل المغارة وبين المواشي لم تُجدِ نفعاً، بحسب زينب، حيث تمكنت الذئاب من تجنّب السم، وفتكت «بـ 15 شاة دون أن نتمكن من قتل أيّ منها» تقول.
سكّان السفح الشرقي للسلسلة الغربية يؤكدون وجود الحيوانات المفترسة كالذئاب والضباع والثعالب في أحراج المنطقة، فقد لفت حسين مشيك إلى أنّ هذه الحيوانات موجودة وتظهر بوضوح أثناء العواصف الثلجية القوية كالتي شهدها البقاع منذ أيام، مشيراً إلى أنّ أعدادها قد تكون انخفضت في السنوات الماضية، التي لم نشهد فيها عواصف قاسية، «لكنها موجودة فعلاً، وقد تمكّنّا من قتل أحدها منذ 3 سنوات» يقول مشيك. مضيفاً إنّ الاستعدادات التي يتخذها مربو الماشية تطيحها قوة العاصفة، وتفقدهم السيطرة فتتمكّن عندها الوحوش من قتل فرائسها.