نجا مسلسل «كوبرا» (كتابة أحمد أبو زيد، وإخراج أحمد شفيق) من الحملة السعودية ضده على خلفية دعم نجمه محمد عادل إمام للشعب الفلسطيني خلال احتفال جوائز «جوي» في الرياض، لكنه لم ينج من الاتهام المتكرر الذي يطارد نجل «الزعيم» الأصغر لناحية تقليد والده. لكن هذه المرة، تطوّر الأمر إلى درجة القول إنّه يعيد تقديم أعمال عادل إمام الناجحة، عبر استيحاء خطوط درامية من أعمال مختلفة وتجميعها في «كوكتيل» غاب عنه التماسك الفني، فخرج أقل بكثير من المستوى المتوقع، على الرغم من أنّه حظي بمتابعة جماهيرية واسعة نظراً لميل الناس إلى مشاهدة محمد إمام تزامناً مع الدعاية التي توفرها شبكة mbc السعودية لكلّ مسلسلاتها.عانت حلقات «كوبرا» من انفصام في البناء الفني للشخصية الأساسية، وهو ما يتضح إذا ما قورنت بداية ونهاية الحلقات بباقي الأحداث. كانت البداية مع مجرم خفيف الظل يحاول التوبة بعد خروجه من السجن. أما في النهاية، فيلتقي بصديقة سابقة (مي عز الدين) ويخططان معاً لعملية جديدة. هنا، نحن أمام تيمة النصاب الذكي الجذاب للنساء الذي يعتمد على مهاراته للخروج من المصاعب والذي لن يكرهه الجمهور في النهاية، خصوصاً لو سرق الأغنياء. كما أنّه لا يتورط في جرائم تستدعي دخوله الحبس. لكن الحلقات سارت في اتجاهات أخرى عدّة. فرغم أنّ زعيم العصابة «شيخون» (مجدي كامل) يجبره على العودة إلى السرقة بعد التوبة، لكن شقيق «شيخون»، وتحت مبرر الغيرة، يورّط «كوبرا» في جريمة قتل ليبدأ رحلة هروب بالأموال التي سرقها من أحد البنوك ومعها «هارد ديسك» يحتوي فضيحة لرجل أعمال شهير. رحلة الهروب تكون في منازل ثلاثة من زملاء السجن، يحاولون مساعدته لكنهم يورطونه في جرائم أكبر. ورغم أنه لم يقتل أثناء سرقة البنك، لكنه يقتل في مرحلة لاحقة، ويدخل في معارك في مصر ولبنان تتخطى حدود شخصية النصاب الذكي الذي يستخدم عقله عادة وقوته البدنية أحياناً مع خفة ظل ممتدة.
ما سبق دفع بالشخصيات للقيام بتصرفات بعيدة عن المنطق الدرامي، من بينها مثلاً تعاطف ضابط الشرطة (محمود عبد المغني) لأنّه يعرف شقيقة «كوبرا» ويرتبط بها عاطفياً. خط تعاطف الضابط مع المجرم سبق أن قدمه عادل إمام في فيلم «حنفي الأبّهة» (1990 ــ إخراج محمد عبد العزيز) حيث جسّد الضابط آنذاك فاروق الفيشاوي. علماً أنّ خطوط التشابه بين العصابتين، في الفيلم وفي المسلسل عديدة.
رحلة الهروب من بلد إلى آخر، ذكّرت الجمهور أيضاً بمسلسل «أحلام الفتى الطائر» (1978 ــ إخراج محمد فاضل)، إذ أنّ إمام الابن والأب تقمّصا شخصية طباخ اضطر لإعداد وليمة لأصحاب المنزل، مع فارق أنّ وليمة الأب جاءت كوميدية للغاية فيما نجح الابن في إعداد طعام شهي، فضاعت الضحكات التي قدّمها «إبراهيم الطاير» سابقاً على يد «كوبرا» حالياً.
الاقتباس من أعمال عادل إمام لم يتوقف عند الخطوط الدرامية، بل هناك عبارات مثل «مسير الحي يتلاقى» التي قالها «الزعيم» لسعيد صالح في فيلم «سلام يا صاحبي» (1987) تكررت بين محمد إمام ومغني المهرجانات «كزبرة» في «كوبرا» الذي دخل قائمة الأعمال الناجحة جماهيرياً في رمضان 2024، لكنه لم يصنَّف ضمن الأعمال الأكثر مشاهدة إذا ما قورن بـ «العتاولة» (كتابة هشام هلال، وإخراج أحمد خالد موسى) و«نعمة الأفوكاتو» (إخراج محمد سامي الذي تشارك التأليف مع مهاب طارق) و«أشغال شقة» (كتابة شيرين وخالد دياب، إخراج خالد دياب) وغيرها من أعمال منصة «شاهد» التي حققت انتشاراً أكبر.
«كوبرا» فكرة درامية جيدة كانت تصلح لتكون فيلماً مدّته ساعتَيْن، أو تحتاج لمجهود أكبر في الكتابة بدلاً من الاتكاء على أرشيف عادل إمام الذي وإن جذب الجمهور كالعادة مجسَّداً في نجله، لكنهم في النهاية لم يجدوا إضافة تحسب لمحمد عادل إمام في مشواره الفني المليئ بالنجاحات والانتقادات على حدّ سواء.