لم يسبق أن أجمع الوسط الفني السوري على منتج كما فُعل مع هلال أرناؤوط، الرجل الذي دخل هذه المهنة بدافع الرغبة في صناعة مادة تلفزيونية لافتة تحمل فكراً يُضاف لصوغها مزاج المشاهد، وكأنّ همّه كان الاستمتاع بها هو نفسه قبل أي شيء آخر. فيما كان يتعاطى مع الحالة الإنتاجية بوفرة وكرم حقيقيين بحسب غالبية من اشتغل معه. في بداياته، أنجز بنصيحة صديقه القديم النجم عابد فهد الذي أشرف على بعض أعمال شركة «إيبلا» مسلسلات وازنة تركت أثراً عميقاً، خاصة في التجربة التاريخية «الظاهر بيبرس» (غسان زكريا ومحمد عزيزية)، والاجتماعية البليغة التي تعالج موضوع الأمراض النفسية في «صدى الروح»، ثم راحت مثلاً نحو منطق مؤازرة صحافيّي الحرب في «هدوء نسبي» (خالد خليفة والراحل شوقي الماجري). عدا عن إنتاجات ضخمة في مصر. لاحقاً، انقطع الرجل عن إنتاج الدراما المحلية ليعود بمسلسل «قلم حمرة» (يم مشهدي والراحل حاتم علي) لتميل كفّة الشركة عند التورّط بمسلسل رديء اسمه «أوركيديا» تلته عودة بثقل نوعي في «دقيقة صمت» (كتابة سامر رضوان وإخراج شوقي الماجري)، العمل الذي اضطّرت الشركة حينها لشراكة فيه مع «الصبّاح» جعلتها تدفع أثماناً باهظة، من بينها إقحامه عناصر لبنانية في عمل سوري خالص، وعلى رأسها الممثلة ستيفاني صليبا وبصيغة غير مبررة وبدون أي داعٍ درامي. كلّ ذلك كان على أساس أن تسوّق «الصباح» العمل لمحطة كبيرة فإذا بـ «دقيقة صمت» يُعرض على تلفزيون «الجديد» اللبناني. جاء ذلك في وقت كان فيه أرناؤوط يمرّ بظرف عصيب في الكويت. بعد ذلك، اشتعلت جبهة حرب ضد الجهة المنتجة، وصلت لشخص المنتج وأمواله في الشام. لكن في العامين الماضيين، رتّبت الشركة أوراقها وأعادت انطلاقتها بشراكة المنتج أحمد الشيخ الذي حمل كما يبدو فكراً معاصراً، وراحت تسوّق المؤسسة السورية أعمالها للمنصّات الكبرى مثل «شاهد» وقنوات mbc. تجربة إنتاجية، ساعدت بتمهيد الأرض أمام ابنة المنتج المخرجة نور أرناؤوط التي أنهت قبل مدّة في بيروت تصوير مسلسل من إنتاج «إيبلا» قوامه 13 حلقة بعنوان «أقل من عادي» (كتابة يم مشهدي)، صار جاهزاً للعرض. وقبل أيام، عاد هلال أرناؤوط إلى دمشق، بعد غياب سنوات وبجهود حثيثة من نقيب الفنانين محسن غازي، ليقيم احتفال عشاء كبير في أحد الفنادق، يدعو إليه كلّ الوسط الفني السوري كنوع من «لمّ شمل» وجمعة مهنية.
وفعلياً، تبدو دمشق هذه الأيّام بأمسّ الحاجة لمثل هذا الحضور الإنتاجي.