كان متاحاً أمام المخرج السوري أحمد إبراهيم أحمد، أن يكمل حياته في أوروبا بعد انتهائه من دراسة الهندسة هناك، لكن بشكل ما أسرته بلاده! كان يغريه تلوّث المدينة وعشوائياتها، وماذا يقبع خلف كواليسها أكثر من رتابة أوروبا وتنظيمها! يعنيه الاجتماع مع أصدقاء في مقهى شعبي أكثر من الشوارع الخالية، و«البرد السليماني» الذي يطوّق تلك البلاد، رغم تطوّرها وحضارتها إلا أنها بالنسبة لكثيرين هي بلا روح ولا ذاكرة، ولا يمكن أن تكون وطناً!في زمن العزّ، أنجز أحمد مهمة DOP لعشرات المسلسلات المكرّسة بينها «الزير السالم» إلى «التغريبة الفلسطينية» وصولاً إلى «ثلاثية الأندلس» و«الملك فاروق» وكلها أعمال لحاتم علي، إضافة إلى الكثير من المسلسلات المهمة التي باتت تعتبر اليوم من كلاسيكيات الدراما السورية. لاحقاً نفدت جعبته من الحماس تجاه مهنته، فراح نحو الإخراج وأنجز مجموعة أعمال حضرت بقوة في سوق التنافس. كما صنع أفلاماً سينمائية عدة. هذا الموسم، صوّر المخرج السوري على جناح السرعة مسلسل «ولاد البلد» (كتابة عثمان جحى وبطولة : باسم ياخور ونضال نجم وفادي صبيح ـ وبدأ عرضه على إحدى قنوات bein دراما المشفرة). العمل شعبي كان بمثابة بداية تعاون بين القناة والمنتج السوري زياد علي. وقد وقع الخيار على أحمد إبراهيم أحمد كونه أحد أبرز المتعاونين تاريخياً مع الراحل حاتم علي، ويمكنه تنفيذ المطلوب ضمن وقت قياسي من دون التنازل عن الجودة. وهو ما سيجعله ينجز جزءين لاحقين من العمل! قبل هذا المسلسل، كان صاحب «عناية مشددة» قد أنجز فيلماً سينمائياً روائياً طويلاً من إنتاج المؤسسة العامة للسينما بعنوان «حكاية في دمشق» (كتابة سماح قتّال وبطولة: غسّان مسعود ولجين اسماعيل ورنا كرم وآخرون). الفيلم يخرج من عباءة الحرب ويشتبك مع الحياة الاجتماعية الدمشقية وينقب عن حالة إنسانية ليشرّحها وفق منطق سينمائي بحت. في حديثه مع «الأخبار»، يقول أحمد إبراهيم أحمد: «جرّبنا هذه المرة أن نوغل إنسانياً بلغة سينمائية واقعية بعيداً عن أي استعراضات بصرية أو بهرجة ليس لها معنى. كان الهم سينما تحاكي هموم الناس، وواقعهم ويشعر المشاهد كأنه أمام يومياته الصغرى من دون أزيز الرصاص وتبعات الحرب بالمعنى المباشر، إنما تكثيفها اجتماعياً وإنسانياً وبلغة الحياة اليومية». يشرح قبل يضيف: «هذه المرة الأولى منذ اندلاع الحرب التي نخوض فيها بهذا الجانب، خاصة أن مدينة مثل دمشق تضجّ بالحالات الانسانية التي تحتاج إلى تركيز. على جانب آخر، حاولنا أن نبتعد عن الارتجال قدر الإمكان، لذا عملنا لحوالي شهر على بروفات طاولة مع الممثلين وخلقنا روح فريق وانسجاماً مطلقاً. وتلاشينا أي هنّات في الحكاية، وبدأنا بمعالجة النص بلغة الصورة مع الممثلين قبل بدء التصوير، وعندما انطلقنا كنّا جاهزين تماماً ولم نعدّل حرفاً واحداً». على ضفة أخرى يقول بأن كلّ ما نريد قوله حول هذا الموضوع «قلناه في الفيلم الذي سيعرض يوم 6 آذار (مارس) في «دار الأوبرا السورية» وتبقى الكلمة بعد عرضه للنقاد والجمهور الذي نتمنى أن يتلقف ما صنعناه بشغف وحب وحماٍس»!