الجيل العربي الذي يصل عمره إلى أكثر من أربعين عاماً اليوم، لم يعاصر عن ليبيا إلا الرئيس الراحل معمّر القذافي وما تبعه من أحداث مهولة! الرجل الذي كان يصنع بسلوكياته، ما يشبه أحداث مسرح «الساعة العاشرة» كانت نهايته أكثر دموية من يومياته الكوميدية، وأعتى من مخيّلة أيّ عاقل. لعلّ حياة هذا الرئيس وكواليسها، وأسرارها، تصلح فعلاً لأن تكون مسلسلاً درامياً محكماً لو تمكّن من تقديم رؤيته بوسطية واعتدال، من دون انتماءات متطرفة، أو تحزّبات قاتلة لتحرر الدراما. لكن كيف وصل القذافي إلى الحكم؟ السؤال يبدو غريباً، وفي غير وقته. لكن الإجابة عليه قد تكون محورية تتضمنها أحداث مسلسل عربي بات البدء في تصويره وشيكاً، وستدور الكاميرات في المغرب العربي ومصر ربما، وهو يحكي سيرة الملك إدريس السنوسي الذي انقلب عليه القذافي صبيحة الأول من أيلول (سبتمبر) عام ١٩٦٩ عندما أذاعت وكالات الأنباء العالمية خبراً يفيد، بأن انقلاباً عسكرياً قاده معمّر القذافي وقد أوصله إلى الحكم. في هذه الأثناء، كان الملك في زيارة رسمية إلى اليونان، تعقبها رحلة لإجراء فحوص في تركيا. سمع مرافقوه الخبر فقرروا تجنّب إبلاغه، إلى أن وصل مدير مكتب رئيس الجمهورية التركي ليسأل الوفد المرافق، إن كان ملكهم قد علم بالخبر فأجابوه بالنفي. هنا استأذن بالدخول وصارحه بما حصل. فكانت المفاجأة أنّ سؤال السنوّسي الأوّل كان إن سقط ضحايا. هنا يسرد بعض العارفين بتلك المرحلة بأن الملك كان قادراً على نسف الانقلاب بساعات، لكنّه فضل حقن الدماء! كما يستفيض المؤمنون بشخصيته بأنه رفض تسلّم ما تبقى من مبالغ مالية فائضة عن الرحلة الأخيرة تلك، لأنها لم تعد من حقه كونه لم يعد رئيساً! تلك القصة قد تكون مفتاحاً غنيّاً للمسلسل الذي يحمل عنوان «عهد الملك إدريس السنوسي» الذي كتب حكايته السيناريست السوري الشاب فادي حسين، وسيلعب بطولته النجم المخضرم جمال سليمان، فيما لم يتم الاتفاق حتى اليوم على مخرج للعمل رغم أن النص طُرح على مجموعة مخرجين سوريين، لم يتم التوصل إلى اتفاق معهم. على أيّ حال، يتطرق المسلسل بحسب ما يفيد كاتبه لنا إلى أكثر الحقب التاريخية المعقدة في حياة المجتمع الليبي، ويفصح بأن «مسلسلنا لن يكون سيرة لحياة الملك إدريس، إنما تجربة تسليط الضوء على ليبيا في عهده، أكثر من الغوص في تفاصيل حياته وسرد ذاتياته كملك، بدءاً من عام 1939 وانطلاق شرارة الحرب العالمية الثانية، وما تبعها من أحداث على خلفية استقلال البلاد سنة 1951 ثم ما تلا ذلك من لملمة الجراح، وبناء مكونات الدولة على يد الملك الذي يعتبر مؤسس الدولة الليبية، وأوّل ملك لليبيا بعد جلاء الاستعمار الإيطالي وقوات الحلفاء». إذاً، بحسب صانع القصّة، سينير المسلسل مطارح معتمة في تاريخ ليبيا، ويتوقّف ملياً عند دور الملك الذي تم تهميش دوره الوطني الصريح في مقارعة الاستعمار، والتأسيس لدولة ذات سيادة، وصولاً إلى الانقلاب الذي حبكه ضدّه الرئيس الراحل معمر القذافي.