تحوّل مسلسل «الهيبة» إلى نبع رزق وفير بالنسبة لشركة «الصبّاح» منتجته، إلى درجة أنّه صار معادلاً عصرياً لمسلسل «باب الحارة» ليس فقط من منطلق أنه صفقة تجارية لا يفكّر أصحابها إلا بالمال، بل أيضاً على مستوى الدراما الساذجة والأداء الخارجي والمعارك المدّعية. على أي حال، يضمن «الهيبة» تواجداً وحضوراً جماهيرياً ورزقاً معقولاً لفريقه ولو بدرجة أقل بكثير من المنتج! لكنّه يقيهم عوز البحث عن فرص في أعمال أخرى، إن لم تكن على مزاجه. لكن من ناحية ثانية، سبب المسلسل حالة إرباك بالنسبة للنجم السوري تيم حسن الذي علق بشخصيّة «جبل شيخ الجبل» ولم يعد يتمكّن الخروج منها، رغم تجريبه في أكثر من عشارية مثل «العميد» (كتابة وإخراج باسم السلكا) و «أنا» (كتابة عبير شرارة وإخراج سامر البرقاوي) إلا أن العمل الأوّل مرّ من دون أثر يذكر، فيما مني الثاني بحملة نقدية شرسة سواء على السوشال ميديا أو في ما واكبه من مقالات نقدية!على أي حال، أخرجت تبعات الحظر بسبب فيروس كورونا المسلسل الشهير من السباق الرمضاني الماضي ليُعرض جزؤه الرابع خارج السباق، وارتأى صنّاعه الاستمرار على هذه الشاكلة، بمعنى أن يكون العمل خارج رمضان، ربمّا بهذه الطريقة، سيحظى باهتمام جماهيري أكبر، خاصة أن العرض صار على منصّة «شاهد» في الدرجة الأولى. وفي كلّ موسم، يراهن «الهيبة» بالإضافة إلى نجومه على حضور مجموعة ممثلين جدد كما حصل في آخر جزء عندما استقطب العمل ديمة قندلفت وعادل كرم!
أما في الجزء الخامس من المسلسل الشهير، الذي انطلق تصويره في بيروت بالأمس، وستكون إيميه صيّاح بطلته إلى جانب تيم حسن، بعدما أنجز النص على إيدي ورشة كتّاب شباب، وكان قد تأجل التصوير لمرات لحين جهوز النصّ، فقد استعان المخرج سامر البرقاوي هذه المرّة بـ «جوكر» الدراما السورية عبد المنعم عمايري ليكون أحد أبطاله أيضاً مع تكرار الأسماء ذاتها أي: منى واصف وعبدو شاهين وروزينا لاذقاني ... وغياب أويس مخللاتي بعد خلاف مع الجهة المنتجة.
طبعاً يجرّب صنّاع العمل قطف حرفية العمايري المعروفة وقد سطعت بشكل جلي، وتسيّدت المشهد السوري قبيل رمضان لدى عرض ثمانية «قيد مجهول» (كتابة محمد أبو اللبن ولواء يازجي وإخراج السدير مسعود وإنتاج محمد مشيش). لعب الممثل شخصية مصاب بانفصام بدراية وتكنيك ممثل متسلّح بأدوات عميقة وانتقل برشاقة بين حالات درامية متباينة بحدّة! طبعاً ليس غريباً على أستاذ «المعهد العالي للفنون المسرحية» تفرّده، وخطفه الأنظار، كونه واحداً من أبرع ما أنجزت البلاد على مستوى الإبداع التمثيلي! لكن ماذا سيفعل في مواجهة جبل شيخ الجبل؟!
يمكن الاستشراف النقدي، بناء على تراكمية ما حققه العمل في أجزائه السابقة... على الأقل لن نرى «العمايري» في أحسن أحواله، لأنه سينهمك في اللعب الأدائي بطرية موازية لأبطال العمل وخاصة تيم حسن، وربما سيكرّس الصراع البرّاني، وحالة الدراما المفبركة التي تستثمر تجارياً بدون الالتفات نهائياً للقيمة الفنية، إلا إذا حصلت معجزة وكان نص الجزء الخامس بمثابة عصا موسى!