لا يمكن التشكيك ولو للحظة بموهبة المغنية السورية سارة فرح، بل على العكس تماماً، بمطلق الثقة يستطيع أي متذوّق للفن أن ينتبه إلى أنها تنحدر من زمن الحناجر الذهبية، وعمالقة الغناء المباشر على المسرح لساعات طويلة! وليس ذلك بغريب عن منجم مواهب مثل سوريا! كنا نعتقد بأن فرح لا يعنيها الصيت المدّوي، ولا الأجر الخرافي، ولا سلاسل الحفلات التي لا تتوقف أو طوابير المعجبين! لكن يبدو أنها معنية في الدرجة الأولى بحجم الشهرة قبل أي شيء آخر له علاقة بالسوية الفنية، إلى درجة أنها راحت تجرّب التمثيل لتظهر بمستوى هزيل، ويمكن لأي ممثلة عادية أن تقدّم أدوارها بطريقة أفضل، بخاصة أنه لا بد لأي متابع من أن ينجز مقاربة سريعة بين أدائها الملفت غنائياً والمتواضع تمثيلياً. على العموم، أطلّت فرح في رمضان الماضي في مكانين: الأوّل مسلسل «عندما تشييخ الذئاب» (عن رواية بالاسم نفسه لجمال ناجي، سيناريو حازم سليمان وإخراج عامر فهد) وقد أدت أغنية التتر ببصمة صوتية خاصة، ولعبت دوراً في العمل. كذلك، شاركت في مسلسل «مقامات العشق» (كتابة محمد البطوش وإخراج أحمد إبراهيم أحمد) حيث أدّت شارة ومقاطع غنائية ودور «عتاب» مربية الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي التي كانت تعيش معه، ولم تتخل عنه بعد وفاة أهله، بل بقيت إلى جانبه وأسهمت في تشكيل جزء من وعيه، وكانت صاحبة صوت جميل. وقبل أيام، قررت فرح العودة إلى طريقتها الخاصة في الظهور من خلال Cover، هو عبارة عن كولاج بين أغنيتي حسين الجسمي «شفت وصلي هواك لوين» وفضل شاكر «أحاول». إنّه الأسلوب نفسه الذي سبق أن قدّمت فيه أغنيتين لشيرين عبد الوهاب ويارا، وقد ترك انطباعاً إيجابياً، وتداولاً ملحوظاً. إلا أنّ العمل هذه المرة بدا متعثراً بسبب صعوبة الغناء بخامة وطبقة تشبه الجسمي. كما أن المغنية السورية تبدو كمن يغنّي بطريقة خارجية خالية من الإحساس العميق، إنما يركّز فقط على إظهار ملامح الوجه، والشغل البرّاني على التمثيل في الدرجة الأولى!المقدرات الصوتية عند فرح خاصة جداً، والقدرة والمرونة على التحكم بطبقات الصوت قد لا يضاهيها عليها أحد، لكن الاختيار ضرورة قصوى، والتركيز على الغناء من أجل الغناء حاجة ملّحة على الأقل من دون إعطاء هامش واسع من التركيز على ضرورة الشهرة والظهور أو التواجد المستمّر!.