ثمانية أعوام مرت على آخر مواسم برنامج «موسيقى على الطريق» الذي انطلق مع بداية فعاليات «دمشق عاصمة الثقافة العربية» عام 2008 ليقدم موسمه الأخير عام 2010، ويترك صدى الموسيقى المتنوعة للفرق الدمشقية في شوارع المدينة وحدائقها، قبل أن يتحول إلى ذكرى جميلة في أذهان المارة، لصعوبة استدامة المشروع في ظل الحرب.في مدينة طرطوس، عادت الفكرة للتألق مع احتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة، والتي تقتصر مظاهر موسيقى الشوارع فيها على فعاليات عازفي الكشافة والاغاني الشهيرة المسجلة مسبقاً. هذه المرة، نظمت جمعية «فضا» للتنمية المجتمعية بالتعاون مع «جمعية أصدقاء الموسيقى» في طرطوس حفلات موسيقية لكورال «أرجوان» متعدد الأصوات والموزع هارمونياً، حيث غنى في عدد من أبرز شوارع المدينة وساحاتها وصولاً الى الكورنيش البحري، وقدم على مدى يومين أغنيات وترانيم ميلادية بست لغات، متيحاً للمرة الأولى فرصة للتواصل العفوي مع جمهور مختلف بغالبيته عن جمهور المسرح المغلق الذي يقصد الحفلات الموسيقية عادة.
يقول قائد فرقة كورال أرجوان الموسيقي بشر عيسى «إن الهدف الأساسي من تقديم الموسيقى بهذا الشكل الجديد على المدينة هو نقل المسرح إلى الناس بدلاً من ذهابهم إليه، ما يسمح بانتشار أوسع للموسيقى الجيدة بين جمهور أكثر تنوعاً عمرياً واجتماعياً وثقافياً. لقد ساعد هذا الهدف على بلوغ موسيقى الشارع مستويات راقية في كثير من حواضر العالم، كما شهد المشروع انطلاقة مهمة في سوريا قبل سنوات، ونحاول اليوم تعزيز هذه الظاهرة في مجتمعنا الذي يستحق تذوق الفنون بأرقى أشكالها سمعياً وبصرياً». ويضيف: «تشكل احتفالات الميلاد مناسبة مثالية للغناء على الطريق بفضل أجوائها المرحة ونوعية الأغاني المرتبطة وجدانياً بالشعب السوري بكل فئاته، ما يفسر التفاعل الكبير الذي أظهره جمهور طرطوس في الحفلات الأربع لكورال «أرجوان»، لاسيما مع التجديد في التوزيع والتلوين النغمي وفق أربعة أصوات لأغاني الميلاد، والتي تنوعت بين ترانيم كنسية وأغان شعبية باللغات العربية والسريانية والإسبانية والفلبينية والإنكليزية والأفريقية، مع الحرص على التقديم المسبق لكل أغنية وإيضاح فكرتها وكلماتها ليكون التفاعل أكبر».
وتمثل المبادرة الموسيقية إضافة جديدة لبرنامج «هدية إلك ولغيرك» الذي أطلقته مؤسسة «فضا» للتنمية المجتمعية للعام الرابع على التوالي، إذ توضح مديرة المؤسسة ماريا عباس أن هدف الفكرة في البداية كان دعوة الأسر الميسورة الى شراء هدايا للأطفال المحتاجين ثم يقوم متطوعو الجمعية بتوصيلها اليهم، وبعد ثلاثة أعوام من نجاح المبادرة، اختارت الجمعية اضافة لون موسيقي على نحو يحقق تفاعلاً جماهيرياً. وتقول: «إن الفن عامة والموسيقى خاصة لغة جامعة للناس على اختلاف فئاتهم. أردنا من خلال «موسيقى ع الطريق» التوجه بهذه اللغة الجميلة للجميع ولاسيما في الأحياء الشعبية، وكانت ردود الأفعال ايجابية بشكل كبير، خصوصاً بين الأهالي الذين لا تساعدهم ظروفهم على إشراك أطفالهم في أنشطة موسيقية، عدا عن أن الطقوس الاحتفالية بعيد الميلاد بات مناسبة لفرح الناس من أي دين كانوا، فهو بالتالي مناسبة جامعة بامتياز».
وتضيف: «اخترنا كورال أرجوان كونه إضافة إلى تميز ما يقدمه، يمثل النسيج السوري المتنوع، فهو افضل من يجمع الناس باستخدام الموسيقى التي تعزز القيم الانسانية الموجودة أساساً، كالمحبة والإخاء وحب السلام».