في زمن السوشال ميديا، كلّ شيء تغيّر. حتى في سوريا التي أنهكتها الحرب، باتت وسائل التواصل الاجتماعي تشكّل عنصر ضغط بالنسبة للقرارات الحكومية. على سبيل المثال، طوي قبل أيام قرار منع استيراد الثياب المستعملة (البالة) بعد ساعات من إصداره بسبب الغضب الشعبي العارم الذي تُرجم على شكل تعليقات وتغريدات وصور نشرت على الفضاء الافتراضي. الحال نفسه تكرّرت يوم قرّرت «وزارة الثقافة» أن تستضيف المنجّم مايك فغالي بصفته «دكتوراً في علم الطاقة» على مدرجات أحد المراكز الثقافية في دمشق. يومها، ثارت ثورة الفايسبوك لتجبر الوزارة على إلغاء المحاضرة، ومحاولة التنصّل من المسؤولية وإلصاقها بمديرة المركز. لم يمض أسبوع على هاتين القصتين حتى لمع اسم «أبو يعرب»، الممثل السوري يزن السيّد، على الفايسبوك وسط حالة تضامن واسعة. جاء ذلك بعدما كتب الصحافي السوري عصام داري مقالاً متهكماً في جريدة «الوطن» المحلية بعنوان «هلا أبو يعرب»، لخّص فيه حالة «إزعاجات المطعم لجيرانه ومخالفاته واحتلاله مواقف السيارات المخصصة للأبنية المجاورة والرصيف وغيره»، لتقوم المحافظة بعد أيّام بهدم جزء كبير منه. في تلك الأثناء، صوّر الممثل المعروف مجموعة فيديوات توثّق ما يجري وسط الدهشة من نوعية المخالفة التي تدفع إلى إزالة عقار كامل، وحديثه عن أنّ «الشخصية المشهورة عندما تفتتح مطعماً في بلادها، فإنّها تنشّط السياحة وتشجّع على نشر الأمان»، قبل أن يتحدّث عن التحسينات التي أجراها في الحيّ والخسائر التي مني بها، بالإضافة إلى بكائه في إحدى اللحظات تأثّراً على ما حلّ بفريق المطعم المؤلف من حوالي 42 عاملاً.
أما على «راديو المدينة»، فجرت شبه مناظرة بين الممثل السوري ومدير الخدمات في محافظة دمشق طارق نحّاس، أوضح فيها الأخير أنّ المحافظة تعطي رخصة استئجار مؤقتة لأملاك عامّة، وفي حال اشتكى الجيران يتم سحبها وتزال المخالفة. وأضاف أنّ ما حدث مع السيّد كان «إشغال أملاك عامة وإزعاج جوار»، وقد حرّرت ستة محاضر ضبط إزعاج خلال فترة افتتاحه المطعم الذي لم يمض على تدشينه سوى خمسة أشهر!
من جهته، اعترف السيّد بمخالفاته في موضوع إشغال الأملاك العامة لكنّه استغرب الطريقة الإقصائية التي عومل بها على الرغم من وجود آلاف المخالفات المشابهة في سوريا! في هذا الوقت تحديداً، كانت شرطة المحافظة تزيل الطاولات عن الأرصفة العامّة أمام أشهر المطاعم في منطقتي أبو رمانة والشعلان، وتحرر محاضر ضبط مخالفات بمبالغ كبيرة. وقد تسنّى لـ «الأخبار» متابعة هذا المشهد عن قرب!
كلّ ما سبق يبدو طبيعياً إلى أن كتب الصحافي عصام داري على صفحته إنّه تلقى تحذيراً من الرصاص الطائش المنتشر في سوريا! ليشارك رئيس تحرير جريدة «الوطن» السورية، وضّاح عبد ربه، التعليق ويكتب أنّ زميله يتعرض للتهديد! وفي حديثه مع «الأخبار»، يوضح داري أنّه لخّص شكاوى الجيران من خلال مقال صحافي لم يدّع فيه، ولم يشتم، ولم يحرّض على أحد، لكنه كتب من منطق واقعي كونه يقيم في الحي: «لكنّني تفاجأت بعد إزالة المخالفة برسالة فايسبوكية من صفحة أنشئت خصيصاً بغرض تهديدي بجملة لا تنسى وتتحدّث عن أنّ هناك رصاصاً طائشاً في البلد»!.