تلقّت شركة «Didi» الصينية صفعة من السلطات الصينية بعد المضي بقرارها الدخول إلى السوق الأميركية. فقد قالت السلطات الصينية إنها تقوم بمراجعة للمخاطر التي يمكن أن يشكّلها قرار الشركة على أمن البيانات الوطنية الصينية. ما يثير التساؤلات هو أن الشركة كانت تعلم بهذه المراجعة، لكنها قرّرت المضي بها، أي أنها قامت بخطوة محسوبة النتائج، أو تسرّعت.

تلقّت شركة «Didi» الصينية صفعة كبيرة في الأيام الأخيرة، إذ انخفض سعر سهمها في غضون أيام قليلة، ما أدّى إلى خسارة في قيمتها السوقية بلغت 22 مليار دولار. هذه الشركة أعلنت في نهاية حزيران الماضي أنها ستطرح اكتتاباً أوّلياً لأسهمها في السوق الأميركية بقيمة 4.4 مليارات دولار. هو ثاني أكبر اكتتاب لشركة صينية في الأسواق الأميركية بعد شركة علي بابا التي يمتلكها رجل الأعمال الصيني جاك ما. وهذه الشركة تعمل في مجال النقل عبر تطبيق على الهواتف الذكية ومقرّها بكين، علماً بأن شركة Uber الأميركية تعدّ أكبر منافسيها في العالم. الشركة الصينية، هي الآن، واحدة من أكبر شركات نقل الركاب في العالم، إذ تخدم أكثر من 550 مليون مستخدم في جميع أنحاء آسيا وأستراليا وأميركا اللاتينية. وتتمثّل خدمات الشركة بما يسمى «Ride-hailing»، أي يقوم العميل بطلب وسيلة نقل بواسطة الإنترنت عبر تطبيق على الهواتف الذكية.
عندما طرحت الشركة أسهمها في السوق الأميركية باعت نحو 317 مليون سهم بقيمة 4.4 مليارات دولار، أي بقيمة 14 دولاراً لكل سهم. يعكس هذا السعر تقديرات لقيمة الشركة السوقية بما بين 67.5 مليار دولار و73 مليار دولار، علماً بأنها تسعى للحصول على تقديرات تصل إلى 100 مليار دولار.
بيانات الشركة الصينية كشفت عن خسائر في بياناتها لعام 2020 بقيمة 1.6 مليار دولار. لذا، من اللافت أن يرغب المستثمرون بالمخاطرة بالاستثمار في شركة خاسرة. لكن قصّة هذه الشركات بالتحديد تتعلق باستراتيجيتها، لأنّ تسجيل الخسائر هو استراتيجية أقلّ كلفة وأقصر وقتاً للاستحواذ على حصّة سوقية واسعة. أي أن الشركة تأمل أن تكون هذه الخسائر استثماراً في المستقبل لتحقيق الانتشار الذي تعوّل عليه من أجل تمكينها من تحقيق الأرباح مستقبلاً. هذه هي تماماً كانت استراتيجية شركة Uber في سنواتها الأولى. 
إلا أن «Didi» تلقّت صفعة كبيرة. بعد يومين على طرح الأسهم، قرّرت الجهات الرقابية الصينية إجراء مراجعة للأمن السيبراني للشركة بهدف «منع المخاطر على أمن البيانات الوطنية، والحفاظ على الأمن القومي، وحماية المصلحة العامة». الصراع الأميركي - الصيني انعكس سلباً على الشركة من الصين نفسها هذه المرّة. فالصين تتحكّم بأسواقها بشكل واسع وتتلقّى حجماً هائلاً من المعلومات عن تحركات الأشخاص في الصين يومياً.
في النتيجة، انعكس إعلان الجهات الرقابية الصينية، سلباً على سعر سهم الشركة. فبعدما بلغ سعره في 1 تموز، أي بعد يوم واحد من طرح الاكتتاب، نحو 16.64 دولاراً للسهم، بدأ مسار انخفاض سعر السهم ليبلغ نحو 11.9 دولاراً في 6 تموز، أي ما يمثّل انخفاضاً بنسبة 28% خلال بضعة أيام فقط.
السلطات الصينية قالت إنها اقترحت على الشركة، قبل أسابيع من طرح أسهمها، تأجيل الطرح إلى ما بعد انتهاء المراجعة، لكن صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلت عن مصادر قريبة من الشركة، قولها إن المجلس التنفيذي قرّر المضي قدماً بطرح الأسهم رغم التحذيرات بسبب ضغوطات المستثمرين.