أنقر على الرسم البياني لتكبيره
تدلّ هذه التباينات، وفقاً لنحّاس، على أن «هذه الأرقام غير دقيقة، وأن التصريحات التي تقدّمها الشركات كاذبة»، وبالتالي هناك أعداد من الموظّفين غير مشمولة ضمن هذه الأرقام، وهو ما قد يشكّل مؤشّراً على تفشّي العمالة اللانظامية التي يقدّرها الإحصاء المركزي بنحو 30% من مجمل القوى العاملة في لبنان، والبنك الدولي بأكثر من 50% من العاملين في القطاع الخاص.
لكن وفقاً لنحّاس «تتيح هذه البيانات تقدير المعدّل الوسطي لعدد الموظّفين في كلّ شريحة، بحيث تستحوذ الشركات التي تستخدم أقلّ من 50 موظّفاً على نصف العمالة (165 ألف عامل) بمعدّل 8 عمّال في كلّ مؤسّسة، فيما يتوزّع النصف الآخر على الشركات التي تضمّ أكثر من 50 موظّفاً، مع استحواذ الشركات التي تضمّ أكثر من 100 موظّف على نحو ثلث العاملين (110 آلاف عامل)، بمعدّل 167 عاملاً في كلّ شركة».
يشير الاقتصادي كمال حمدان إلى أن نسبة الشركات الصغيرة، التي لا يتجاوز عدد موظّفيها 5 مستخدمين، تزيد من مسح إلى آخر. وهو ما يتماشى مع دراسة أعدّتها وزارة الاقتصاد عن الشركات اللبنانية، في عام 2015، وتبيّن أن 90% من الشركات هي صغيرة ومتوسّطة ويطغى عليها الطابع العائلي ولا توظّف سوى 50% من القوى العاملة في لبنان، فيما لا تتخطّى مساهمتها نسبة 27% من مجمل عائدات الشركات اللبنانية.
ويشرح حمدان أن «هناك علاقة بين إنتاجية العمل (أي متوسّط القيمة المُنتجة للعامل الواحد) وحجم المؤسّسة، وبالتالي عندما يكون 90% من الشركات لديها أقل من 5 موظّفين، و87% منها تعمل في الأنشطة الخدماتية والتجارية والعقارية التي تعدُّ أنشطة متدنّية القيمة المُضافة، فذلك دليل على وجود مشكلة بنيوية، تظهر بوجود قطبين أساسيين، هما: الشركات الصغيرة (نحو 90%) والشركات الكبيرة (أقل من 1%)، مع صعوبة التحوّل من قطب إلى آخر عبر الفئات المتوسّطة (نحو 9%) من دون التعثّر أو الإغلاق. وهو ما يعني أن هذه القيود البنيوية تمنع الشركات من أن تكبر، لمصلحة توسّع الشركات الكبيرة المتجذّرة منذ عقود، والمستفيدة من ترابط الاقتصاد والسياسة والامتيازات والاحتكارات المقوننة التي تسمح لها بزيادة أرباحها ومراكمة رأسمالها والسيطرة على الأسواق على حساب الشركات الصغرى».