تختلف آراء سكان رأس بعلبك بشأن تاريخ الموقع الأثري الذي يقع في أول البلدة إلى الجهة الغربيّة منها. منهم من يؤكد أنه كنيسة بيزنطية، فيما يرى آخرون أنه معبد روماني. في كلتا الحالتين، يتفق الجميع على المطالبة بالكشف على كامل معالمه وإبراز المزيد من تاريخه، وإدراجه ضمن المواقع الأثريّة السياحيّة في لبنان.يحتل الموقع الأثري في رأس بعلبك (50 كلم شمالي بعلبك) حوالى 1500 متر مربع من العقار الرقم 1550 الذي تنتشر عليه عشرات الحجارة المربعة الشكل بمختلف الأحجام، تتخللها بقايا أعمدة حجريّة مستديرة مبعثرة، وركائز صخريّة مربعة وزعّت على مسافات متباعدة.
وتتصدر الجهة الشرقيّة من الموقع ردهة تحيط بها حجارة ضخمة كُدّس بعضها فوق بعض بشكل دائري على ارتفاع حوالى أربعة أمتار، لتشكل هيكلاً يعلوه صليب مصنوع من الرخام، ثُبّت في المكان قبل سنوات للدلالة على أن هذا المكان هو بقايا كنيسة تحمل اسم القديسة بربارة. عن تاريخ هذا الموقع الأثري، يقول ابن البلدة المدير العام السابق للآثار الدكتور شاكر الغضبان إن «وجود 6 أعمدة صخريّة مع ركائزها تشبه تلك الموجودة في غير معبد روماني في لبنان والدول المجاورة، وما كان قد عثر عليه في المكان منذ عشرات السنين من كتابات لاتينيّة ويونانيّة تحمل معاني لإيفاء نذور موجهة الى إله بعلبك العظيم جوبيتير، يثبت أن هذه الآثار هي بقايا لمعبد روماني كان قد جرى تحويله في العهد البيزنطي الى كنيسة عرفت في ما بعد باسم القديسة بربارة». ويوضح أنه عُثر في إحدى زوايا المعبد ــــ الكنيسة على صليب صغير مصنوع من الرصاص موجود حالياً في كنيسة السيدة العذراء شفيعة البلدة.
وبحسب الغضبان، «يتناقل الأهالي روايات تتحدث عن أن القديسة بربارة كانت قد ولدت وعاشت في هذه البلدة واستشهدت فيها». ومن الروايات المتوارثة أيضاً أن القديسة بربارة هي التي أشرفت على تغيير المعالم الهندسيّة لهذا الموقع وتحويله من معبد روماني الى كنيسة، وأن ذلك أغضب والدها، وكان مهندساً معمارياً ووثنياً مؤمناً.
وأمام غضب والدها، هربت الفتاة وأخذت تلتجئ في البيوت وتتنكر لكي لا يعرفها والدها، ما أعطى لعيد البربارة تقليد التنكر.
ولكن الغريب في الأمر أن الموقع (رغم ضخامته الأثرية وقوة الأسطورة المحكية عنه) ليس مدرجاً على لائحة المواقع السياحية في لبنان، ويقول الغضبان إن محاولات الإدراج السابقة باءت بالفشل، رافضاً الدخول في الأسباب، فيما يشدد رئيس بلدية رأس بعلبك عبد الرزاق نادر على أن عملية الإدراج ستعطي للموقع حماية كبرى، خصوصاً أن الاهالي كانوا يقتلعون حجارته لبناء أسوار حدائقهم، ما دفع المديرية العامة للآثار إلى وضع اليد على المعلم، والحدّ من الأذى الذي يتعرض له.