لا يزال مصير العاملين السودانيين المختفيين مجهولاً. في البترون، كان يعمل كلّ من خير الله علي وعجيلي الفاضل موسى، قبل أن «يخدعهما» أحد الأشخاص، مجهول أتى إليهما طالباً منهما العمل بصورة مؤقّتة لديه. أقلّهما في سيّارة وفَرّ بهما الى جهة مجهولة، مستخدماً سيّارة أخرى للتمويه. حصلت هذه الحادثة يوم الخميس الماضي، فاتحةً الباب أمام الكثير من التكهّنات في ظلّ عدم الوصول حتّى الآن الى نهاية سعيدة لحادثة الخطف.في التفاصيل كما رواها لـ«الأخبار» مسؤول أمني، أنه بعد مرور يوم الخميس الماضي ـــ أي قبل أسبوع ـــ اتصل فادي خالد العلي بالشاب المدعوّ نور الدايم الضوّ خير الله علي، وهو أيضاً عامل سوداني يعمل في مدينة جبيل. ووفق المعلومات المتوافرة، فإنّ رقم الهاتف الخلويّ الذي تلقّى بواسطته نور الاتّصال أصبح في حوزة الجهات الأمنيّة. من جهة ثانية، جدير بالذكر أنّ نور تولّى دفع قسم من الأموال التي طلب منه تأمينها كفدية عن المخطوفين خير الله علي وعجيلي الفاضل موسى، وقد بلغت قيمة الأموال التي دفعها 2200 دولار من أصل المبلغ الإجمالي الذي طالب به الخاطفون، البالغ 5 آلاف دولار، وقد حوّل نور خير الله علي الأموال بواسطة الـWestern Union الى الشخص المذكور.
من المعلومات المتوافرة في إطار التحقيق في مصير العاملين، أنّ مكان التحويل الذي وصلت إليه الأموال التي جرى تحويلها عبر الشركة الخاصة، هو في منطقة في شمال لبنان.
في ظلّ عدم توافر معطيات أخرى عن العاملين المخطوفين، يذكر أنّ عاملاً سودانيّاً ثالثاً كان قد خطف أيضاً ويدعى محمود مصطفى الدود، إلا أنّه عاد سالماً بعدما تولّى شقيقه دفع مبلغ 2000 دولار كفدية مقابل الإفراج عنه. وقد علم أنّ المخطوف يسكن مع شقيقه الذي يعمل في إحدى المؤسّسات في بلدة الصفرا في كسروان، وهو لم يختطف من البترون مع المخطوفين الآخرين، كما أشيع فور الإعلان عن النبأ. وحسب الرواية التي نقلت عن الدود، فهو لا يعلم المكان الذي كان يحتجزه فيه الخاطفون.
وتتولّى السفارة السودانيّة متابعة الموضوع عن كثب بحسب ما أفدنا في اتّصال معها، إلّا أنّ القيّمين على السفارة فضّلوا عدم الخوض في تفاصيل إضافيّة عن حادثة الخطف «لعدم التأثير على مجريات التحقيق وللحفاظ على سلامة المخطوفين» كما قالوا، مفضّلين انتظار الإفراج عن المخطوفين للإدلاء بكل المعلومات والكشف عن ملابسات الخطف بالتفصيل. وقد علمت «الأخبار» أنّ السفير السوداني حضر شخصيّاً الى سرايا البترون، حيث فصيلة درك البترون للاطّلاع على مجريات التحقيقات ومعرفة ما آلت إليه آخر المعلومات عن المخطوفين وعن هويّة الخاطفين. ولا تزال التحقيقات جارية للكشف عن هويّة الخاطفين والإفراج عن المخطوفين الباقيين. واتصلت «الأخبار» بالسفير السوداني في لبنان واستوضحته عمّا آلت إليه التحقيقات في قضية السودانيين المخطوفين، فأشار بداية إلى عدم رغبة السفارة في التكلم كثيراً عن الموضوع، لكنه أكّد أن السفارة قد رفعت إلى السلطات اللبنانية المختصة بلاغاً عما حصل، وقد باشرت السلطات تحقيقاتها «ونحن لا نريد أن نخربط عليهم عملهم». ولفت السفير إلى وجود معلومات لدى السفارة «عن الخاطفين وأرقام هواتفهم، وقد زُوّدت القوى الأمنية بكل هذه المعلومات»، مشيراً إلى أنه زار موقع حصول حادثة الخطف، وأن هناك «معلومات كاملة لدينا عن القضية».
تذكّر هذه الحادثة بحادثة مشابهة في الفترة الأخيرة تمثّلت بخطف عمّال مصريين من لبنان، كان خاطفوهم قد أفرجوا عنهم في سوريا بعدما حصلوا على المال مقابل ذلك. وقد سلّم حينها المخطوفون المخلى سبيلهم أنفسهم الى السلطات السوريّة بعدما وجدوا أنفسهم بدون أوراق تشرّع وجودهم على الأراضي السورية، علماً بأن أحد المصريين المخطوفين ويدعى هشام مبروك كان يقيم في لبنان بصورة شرعية (كان يعمل في إحدى محطات الوقود في بلدة حالات ـــ جبيل). وكانت الشرطة الجنائية السورية قد ألقت القبض على أحد رؤوس الجهة الخاطفة، وعملت على ملاحقة أفراد الشبكة بالتنسيق مع جهات الأمن اللبنانية. وقد أثارت عمليّة الخطف هذه بلبلة في لبنان وفي مصر خصوصاً، في ظلّ وجود آلاف العمّال المصرييّن الذين يعملون على الأراضي اللّبنانيّة.
في الأيام التي تلت إعلان اختفاء العمال المصريين، تطوّرت القضية، فالوقائع التي بيّنتها التحقيقات أكدت وجود عملية خطف منظّمة تقف وراءها عصابة عابرة للحدود.



تورّط شبكة تهريب عربية؟


ليست المرة الأولى التي يُختطَف فيها عمّال أجانب في لبنان. فقد اختفى منذ أيام ثلاثة عمّال من الجنسية المصرية، تضاربت الأخبار بشأن مصيرهم، حيث ذكرت معلومات أنهم أُوقفوا في سوريا لدخولهم أراضيها خلسة، قبل أن يتبيّن أنهم تعرّضوا للخطف على أيدي أشخاص طالبوا أهاليهم بفدية مالية للإفراج عنهم، إلّا أنّ الاتصالات لم تُفلح في الإفراج عنهم قبل أن يدفع شقيقا مخطوفين اثنين مبلغ ستة آلاف دولار مجتمعين، وحوّلاه إلى أحد الأشخاص في سوريا. وفي هذا السياق، تحدّث مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار» عن شبكة تهريب تمتد عربياً بين لبنان وسوريا والأردن تخطف العمّال وتبتزّهم. وأشار المسؤول المذكور إلى توصّل القوى الأمنية إلى خيوط قد توصل إلى الرؤوس المتورّطة في هذه الشبكات.

لقطة

تلفت البلاغات الواردة إلى قوى الأمن الداخلي إلى استمرار تعرض العمال العرب والأجانب لاعتداءات تراوح بين الضرب والسلب، فضلاً عن حوادث العمل. وفي الفترة الأخيرة، لم تلقَ هذه الحوادث اهتماماً، نظراً لاهتمام الناس بالتطورات السياسية في البلاد. فيوم الاثنين الماضي، نُقلت عاملة بنغلادشية إلى مستشفى في بعلبك، وقد كانت مصابة برضوض وجروح في مختلف أنحاء الجسم، ولم تعرف الأسباب.
في اليوم نفسه حاول ستة أشخاص مجهولين سلب محفظة أسامة ح.، وهو عامل سوري، وقد شهروا السلاح والسكاكين في وجهه، وأحدهم ضربه بآلة حادة على يده اليسرى، فأُصيب بجرح بالغ. لكن المعتدين لم يتمكنوا من سلب أسامة، ففروا إلى جهة مجهولة.