في 21 تموز الماضي، وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانوناً ينظم جزئياً العلاقة بين المنظمات غير الحكومية والممولين الأجانب. وينص القانون المعنون بـ«قانون الوكلاء الأجانب»، على أن «على كل من يتلقى تمويلاً مصدره دولة أجنبية بهدف القيام بأعمال لها أبعاد سياسية، ولو كانت إنسانية أو تنموية أو اجتماعية، في روسيا أن يسجلوا أنفسهم كوكلاء أجانب لدى السلطات الرسمية». وقد كان لهذا القانون وقع القنبلة في قطاع المجتمع المدني الروسي الذي يحظى بدعم مادي مهم من عدد من البلدان الغربية، وخصوصاً من الولايات المتحدة التي تمول جمعيات تعمل على ملفات حقوق الإنسان والديموقراطية... وقد هددت الجمعيات بمقاطعة القانون، ناكرة أنها تتعاطى «العمالة»، بتلقيها أموالاً من مصادر حكومية أميركية قد يكون البعض منها مثل وكالة التنمية الأميركية USAID يتبع مباشرة لوزارة الخارجية. طبعاً، انتقدت الخارجية الأميركية القانون بشدة، متهمة الإدارة الروسية بالتهويل والترهيب بهدف الحد من الحرية والديموقراطية. ليس ما ينص عليه القانون الروسي بغريب على أميركا، فهي بذاتها تتابع عن قرب الجمعيات ذات الصلة بالإسلام أو بالعرب أو بشكل خاص بفلسطين، وقد تذهب حد فبركة التهم وسجن المشرفين عليها حتى لو لم يتلقوا سنتاً واحداً من دولة أجنبية. وقد نص قانون «الوكلاء (أو العملاء) الأجانب» الأميركي، الذي يعود إلى عام ١٩٣٨ على مراقبة ومتابعة الجمعيات التي قد تشكل خطراً إيديولوجياً على الولايات المتحدة، ويطبق استنسابياً على العرب وفلسطين، بعدما كان يهدف إلى الحد من «الزحف الأحمر» خلال الحرب الباردة. أما في لبنان، حيث القطاع يحظى بكرم الممولين الأجانب على أشكالهم، وحيث أصبحت الديموقراطية والجندرة والحوكمة وحقوق الإنسان تخصصاً وظيفياً، فلسنا بحاجة إلى أيٍّ من هذه القوانين؛ لأن الجمعيات الخاصة بأهل السلطة تتموّل علناً، ولأن العملاء إن دخلوا المحكمة، فقد يخرجون منها أبطالاً.