أصبح بإمكان الشباب العربي والغربي على السواء أن يسهم في نقل الأحداث التي تحصل في فلسطين إلكترونياً مع لعبة جديدة تسمح بتأدية دور صحافي يغطي الاقتتال الداخلي والعدوان الإسرائيلي. وتمثّل اللعبة «زيارة افتراضية لمنطقة الصراع»، في محاولة لنقل المشهد الفلسطيني ـ الإسرائيلي
خضر سلامة
فوق معبر يؤدي إلى القدس، يمنع جنديان إسرائيليان فتاة فلسطينية حاملاً من دخول المدينة، ماذا تفعل عندها؟ هل ستذهب لمجادلة الجنود وإقناعهم، أم أنك ستبقى شاهداً أخرس أمام المشهد؟.
يتكرر هذا الموقف الإنساني كثيراً في المهمات المعروضة في لعبة «النزاعات العالمية: فلسطين» (Global Conflicts: Palestine) التي أصدرتها أواخر العام الماضي شركة «Serious games interactive» الدنماركية. وتتوجه اللعبة إلى الشباب الذي يهوى المغامرات الصحافية، إذ يتقمص اللاعب شخصية صحافي يغطي الأحداث الأمنية في الأراضي المحتلة، ويصوغ مقالات تبعاً لخياره في اللعبة.
تقدم اللعبة احتمالين، هما شخصيتان صحافيتان وافدتان إلى فلسطين لمتابعة وتغطية ما يدور فيها. الشخصية الأولى هي الأم المطلقة والصحافية حنة وايزمن، الآتية إلى القدس للهرب من مشاكلها، والثانية ديوان مسعود، الذي تخرّج محللاً صحافياً من إحدى جامعات نيويورك، وعيّن مراسلاً في الشرق الأوسط وتحديداً في القدس. ومهما كان الاختيار، فإن المهمة واحدة، إذ على اللاعب صياغة الأحداث التي ستضعه اللعبة فيها، ليقدمها إلى إحدى الصحف الثلاث: «إسرائيل بوست» التي يفترض صانع اللعبة أنها تقدم الرواية الإسرائيلية للأحداث، أو «فلسطين اليوم» المنحازة لوجهة النظر العربية، أو «أخبار العالم» الأوروبية التي تعتمد موضوعية نسبية في الخبر.
تطرح اللعبة مهمات كثيرة على اللاعب/الصحافي الذي سيصوغ خبره معتمداً في كل مرة على خمسة أقوال متعلقة بالحدث، فيجد اللاعب نفسه أمام مشهد لغارة لجيش الاحتلال بالتعاون مع قوات السلطة الفلسطينية على منزل في «أبو ديس»، أو مرافقاً لقوة عسكرية تحاول السيطرة على أنفاق فلسطينية لتهريب السلاح. كما يمكن أن يكون اللاعب شاهداً على هجوم انتحاري فلسطيني، أو يرافق القوات الإسرائيلية في طريقها إلى القيام بغارة على أحد المنازل واعتقال مشتبه بهم. أو على أحد المعابر في القدس عند هجوم فلسطيني على الجنود الإسرائيليين الذين يقتلون أحد المنتظرين في محاولة الدفاع عن أنفسهم. وتظهر في اللعبة مشاهد من القدس القديمة بمبانيها وسكانها العرب. كما سيكون على اللاعب كتابة مقال عن آثار الاستيطان على حياة الفلسطينيين والإسرائيليين معاً، وأخيراً، سيعدّ تحقيقاً عن مفهوم الاستشهاد وحيثيات العمليات الفدائية والاستشهادية.
إذاً اللعبة ليست تقليدية، فلا وجود لعدو لتهزمه أو تقتله، والمطلوب هو مقال متقن وجيد الصياغة، قادر على إقناع القراء. وتمثّل اللعبة «زيارة افتراضية لمنطقة الصراع» على حد تعبير مصممها سيمون اجنفلدت، إلى جانب أنها «تجربة مميزة، ونقطة انطلاق رائعة للتعرف إلى طبيعة النزاع هناك». ويرى اجنفلدت أن لعبته أداة مفيدة لكنها غير كافية، مطالباً بإكمالها عبر إقامة حلقات تعليمية أو توثيقية للفئات العمرية التي تتوجه اللعبة إليهم، لإيصال الحقيقة الكاملة عن صورة المشهد الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي، الغائب عن أذهان الرأي العام العالمي.
ووقعت الشركة صاحبة المشروع في فخ السهام الإسرائيلية، فبعدما هاجمت صحيفة «جيروزاليم بوست» العنوان الذي «استثنى إسرائيل كأنها غير موجودة»، لاحظ مدونون إسرائيليون أن الخريطة التي تسلم لللاعب للتنقل في اللعبة، هي خريطة فلسطين التي تعود لعام 1947، ما جعلهم يتهمون الشركة بالانحياز والتلاعب بوعي المستهلك ــــــ الصحافي الافتراضي.


صانع السلام

تُعدّ لعبة «النزاعات العالمية: فلسطين» اللعبة الثانية خلال عامين التي تعلّب القضية الفلسطينية في شاشة الألعاب الإلكترونية، بعد لعبة «صانع السلام» التي امتازت بجودتها التقنية العالية. وتدور هذه اللعبة حول إرساء السلام بين الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية وإنهاء الصراع بينهما. ويستطيع اللاعب أن يأخذ منصب رئاسة الحكومة الإسرائيلية، أو منصب رئاسة السلطة الفلسطينية، في خليط أشد تعقيداً استراتيجياً وسياسياً من لعبة «النزاعات العالمية» ومحاولة النجاح في المجالات التي فشل السياسيون فيها. ويكون الهدف من لعب هذين الدورين الوصول إلى إقامة صلح دائم ومعالجة النقاط الخلافية بين الطرفين، والحصول في النهاية على جائزة نوبل.