الهرمل ــ رامي بليبلاعتلى الأطفال صهوة النورج الخشبي القديم إيذاناً ببدء دورانه دارساً بيادر القمح المحصودة، وعلت على أنغام مطارق الحدادين والنجارين، أصوات البائعين العارضين لبضائعهم المتنوّعة في الساحة الرئيسية للهرمل، حيث انطلقت منذ ثلاثة أيام فعاليات مهرجانها الثقافي الثاني وتستمرّ حتى العشرين من الجاري.
المهرجان الذي تنظمه لجنة التربية والثقافة في البلدية يأتي تتويجاً للعديد من الأنشطة على مدار العام، في إطار الحفاظ على الهوية الثقافية التي للمدينة. وهو يتضمن لوحات مختلفة من جوانب الحياة القديمة: السوق الشعبية، الحدادة العربية، النجار اليدوي، السكافة... لينتهي المشهد عند مجموعة من النسوة المشغولات إما بطحن القمح بواسطة طاحونة قديمة أو بجرش البرغل على الجاروشة بغية «تقريص» الكبة وشيّها على الحطب، في وقت تنصرف فيه أخريات لخبز أرغفة المرقوق حيناً في التنور، وطوراً على الصاج. وفي الجهة المقابلة للسوق نماذج من القرية القديمة، التي لا تكتمل إلا بحضور الدبكة الهرملية ورقصات الفولكلور اللبناني وسط قرع الطبل وأغاني العتابا والميجانا من جهة، وصهيل الخيل العربي المبشر بعودة الثوار مكلّلين بالنصر من جهة أخرى. المهرجان ينظّم أيضاً مجموعة من الحوارات مع فنانين سوريين وفلسطينيين كخالد تاجا وبسام كوسا ومي سكاف وجفرا يونس، وندوات مع مفكرين وإعلاميين كغسان بن جدو، إضافةً إلى مجموعة من المسرحيات وحلقات النقد، ومعرض للكتب من تنظيم دار الولاء.
يشير رئيس لجنة التربية والثقافة عبد الله ناصر الدين إلى أن «هذا المهرجان يمثّل محطة أساسية للتواصل المعرفي بين كلّ شرائح المجتمع والفئات العمرية المختلفة»، إضافةً إلى الإضاءة على غنى الهرمل «التي تزخر بالطاقات الفكرية والثقافية من أدباء وشعراء ومفكرين وسياسيين».