هاني نعيمأعلن جورج بوش، قبل إنقاذ الضحايا من تحت ركام مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001، أنّ «من ليس معنا، فهو ضدّنا». وبدأ بـ«مترسة» المحاور: محور الخير، يقابله محور الشر.
مركز «الحرب على الإرهاب»، تمحور في الشرق الأوسط وضواحيه. وما زال. أمّا في الـZoom In، على بلاد الأرز، إحدى ضواحي الصراع، فالمشهد يتكرّر في سياق مختلف نسبيّاً، وذلك يعود لطبيعة «المناخ» اللبناني. «من ليس معنا، فهو ضدّنا!». بدأت المعادلة تتكرّس بعد اغتيال رفيق الحريري. وخلال الانتخابات الأخيرة، وقد تكون الأخيرة فعلاً، بدأ المزاد. لدرجة أنّ شريحة كبيرة من اللبنانيين شاركت في اغتيال رفيق الحريري، وشريحة أخرى كانت أداة «صهيو ـــ أميركية» تريد نزع سلاح حزب الله.
خلال أحداث العنف المسلّح في بيروت وجبل لبنان والشمال، برزت المعادلة بشكل حادّ. أنتَ، إمّا مُعارض منتمٍ لمحور «الشر». وإمّا موالٍ، تنتسب لمحور «الخير». وخارج هذا الإطار، فأنتَ مواطن ـــ عذراً على المصطلح ـــ لا مكان لك. غير موجود. ولكن ضمنيّاً، أنتَ مصنّف بشكل أو بآخر. فالمعارض يصنّفك موالياً، والموالي «يعرضنك». وهكذا.
الثنائية المستشرية في عالم اليوم، ليست من عبث. الدين يحمل في هيكليّته ثنائية: الخير / الشر، الحق / الباطل، الجنّة / النار... وغيرها من الثنائيّات.
كل دين، في أيّ زمن كان، يعد أصحاب الخير بالجنّة، ويتوعّد «الأشرار» بالنار الحارقة. والقيم المنتصرة ستكون قيم الحق ضد الباطل.
ما نحياه اليوم، ليس «فرط استخدام القوّة» الأميركية وتوسّعها وحسب، وليس أزمة سياسيّة لبنانية بحتة. إنّها شبكة من عوامل التأثّر والتأثير في العلاقات الدولية. وبالإضافة إلى المصالح الاقتصادية والاستراتيجية المحرّكة لسلوك الدول، عاد «الله» لتُشنّ باسمه الحروب. وتحت رايته أيضاً تقاس الشياطين بين أكبر وأصغر، والمزاد لا ينتهي. وذلك حسب تصنيف كل طرف دولي ـــ إقليمي ـــ محلّي. وعليه لكل «خيره» و«شرّه» المختلف جذريّاً عن أي خير أو شر آخر.
«من ليس معنا، فهو علينا!». كان بوش واضحاً حينها. وغيره ممن يعملون بهذه المقولة، من مناوئين له، فهم أكثر وضوحاً أيضاً. والأمثلة لا تنتهي. تتكرّر كل يوم، ولكن بأشكال مختلفة.
إنّها العولمة، بعقليّة جاهليّة! فأي مستقبل ينتظر الإنسان؟